تطور سياحي غير مسبوق مع نجاح تحويل البيوت القديمة إلى نزل تراثية

رحلات عبر "الواقع الافتراضي" في "حارة العقر" قريبًا.. والإمام سلطان اليعربي يتجول مع السائح

◄ مليون ريال تكلفة إعادة إحياء حارة العقر التراثية بمشاركة 126 مساهمًا

◄ سيف بن ناصر الطيواني: طلبات إلى الجهات المعنية لإقامة فندق ومحطة وقود ومشروع كسارات

لأول مرة في السلطنة.. جولات سياحية بسيارات كهربائية وسط إقبال ملحوظ

◄ نجاح ترميم 50 بيتًا في الحارة من أصل 400 بيت

◄ إنجاز 300 متر فقط من "سور العقر".. والباقي 1.7 كيلومتر

◄ مشروع لتحويل "حارة العقر" إلى الواقع الافتراضي لتعزيز تجربة السياح من خارج السلطنة

◄ الإمام سلطان اليعربي يتجول مع السائح في "الزيارة الافتراضية"

◄ "حلية".. مشروع متميز متخصص في بيع الفضيات والإكسسوارات

خاضت التجربة- مريم البادية

تصوير/ عبدالسلام العدواني

نجحت الجهود الأهلية بولاية نزوى في الاستفادة من الموروث الشعبي الذي تركه الأجداد قبل عقود خلت، من خلال تحويلها إلى نزل سياحية ومطاعم ومقاهٍ تستقطب الزوار من كل مكان، حتى تحولت هذه التجربة إلى نموذج رائد في كيفية الاستفادة من المقومات التراثية التي تزخر بها كل ولايات السلطنة، وإعادة تأهيليها لتكون مزارًا سياحيًا فريدًا.

"الرؤية" خاضت تجربة التجول والمبيت في هذه البقعة السياحية المتألقة، ورصدت انطباعات أصحاب الأعمال والزوار والسياح؛ حيث يقول سيف بن ناصر الطيواني عضو مؤسس لشركة بوارق نزوى الدولية للاستثمار، إن مشروع إعادة إحياء حارة العقر التراثية إضافة مُهمة للولاية؛ إذ يهدف إلى ترميم عدد من البيوت القديمة وتحويلها إلى نزل تراثية تجمع بين الحياة القديمة ومتطلبات الحياة المعاصرة، حيث انطلق المشروع بمساهمة 126 مساهمًا برأسمال أكثر من مليون ريال في عام 2015.

حارة العقر (10).jpeg
حارة العقر (9).jpeg
حارة العقر (8).jpeg
 

محاولات سابقة للتطوير

ويضيف الطيواني أن العمل خلال الثمانية أشهر الأولى للمشروع لم يكن مُعلنًا، وذلك بسبب المحاولات السابقة لتطوير الحارة، والتي لم ترَ النور جميعها، ثم أُشهرت الشركة في عام 2016؛ حيث كانت البداية بشراء المنازل في واجهة الحارة والتي قُدِّر بعضها بـ15 ألف ريال وبعضها بأقل من ذلك، نظرًا لتدني الأسعار في تلك الفترة. ويمضي موضحًا أن مرحلة الترميم انطلقت بعد ذلك وتكلفت مبالغ "باهظة للغاية"، ومن ثم توجهت الشركة إلى حث الناس على شراء المنازل وترميمها على حسابهم الخاص، بهدف الاستثمار طويل الأجل، ومن بينها مطعم العقر الشعبي ومنزلان آخران. ويضيف الطيواني أنه بعد ذلك افتُتح نزل "البستان" إلى جانب مجموعة من النزل الأخرى بمسميات مختلفة تابعة لأهل الحارة أنفسهم، لكن تحت إدارة الشركة. ويشير إلى أن المجموعة لديها "مجمع حواء التجاري" في منطقة فرق، وتعمل الشركة على بناء فندق ذي 4 نجوم مقابل قلعة نزوى، كما حصلت الشركة على ترخيص لإقامة محجر للرخام، فضلاً عن وجود عدد من الطلبات إلى الجهات المختصة لإقامة محطة وقود ومشروع كسارات، وبناء المقر الرئيسي للشركة، فضلاً عن طلبات لمشاريع سياحية في الجبل الشرقي من الجبل الأخضر، لكن أيًا منها لم يرَ النور إلى الآن.

وتضم حارة العقر مساجد رئيسية متمثلة في مسجد الشواذنة، ومسجد الفرض ومسجد الشجبي ومسجد المزارعة، ويوجد بها عدد من مدارس تحفيظ القرآن، وتشتهر بفلج "الغنتق" وفلج "ضوت".

السيارات الكهربائية

وعن مشروع الجولات السياحية بالسيارات الكهربائية، يقول الطيواني إنه يلاقي إقبالا جيدا من قبل الزوار لهذه المدينة التاريخية لاكتشاف نزوى، وهو المشروع الأول من نوعه على مستوى السلطنة؛ إذ يعتمد على تشغيل السيارات الصديقة للبيئة في تنظيم جولات سياحية في الحارات القديمة من منطلق التعريف بتاريخ هذه الحارات التي تضم الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية.

ويوضح أن المشروع عبارة عن جولات سياحية في الحارات القديمة المجاورة لقلعة نزوى، بهدف تعريف السياح والزائرين لمدينة نزوى على تاريخ وأصالة المدينة؛ حيث إن معظم السياح والزائرين لا يزورون إلا المعالم البارزة في المدينة والمتمثلة في السوق والقلعة، بينما توجد في نزوى أماكن أثرية لها جذور تاريخية مثل مسجد الشواذنة، وباب أبي المؤثر، وصباح الشجبي، وفلج ضوت، وسور العقر، وكل هذه المعالم تمر بها الجولات السياحية بالسيارات الكهربائية.

ترميم المنازل القديمة

سليمان بن محمد السليماني صاحب نزل البستان ومؤلف كتاب "حارة العقر" وعضو مؤسس في شركة البوارق الدولية تحدث كذلك لـ"الرؤية" عن بدايات تأسيس الشركة؛ حيث يقول إن الفكرة راقت لكثير من السكان، وبدأت بالفعل جهود ترميم عدد من المباني، لكن الشركة واجهت مشكلة في تحديد هوية بعض المنازل القديمة التي لا يُعرف أصحابها؛ حيث يوجد في الحارة قرابة 400 بيت، وقد تم الانتهاء من نحو 50 بيتًا حتى الآن، كما إن هناك الكثير من المساجد والمدارس التي بحاجة إلى إعادة ترميم، علاوة على أن سور العقر أُنجز منه 300 متر فقط بتكلفة كبيرة، وتبقى منه كيلو و700 متر، نظرًا لأنه سور قديم ومرتفع ويحتاج إلى وقت أطول. ويشير السليماني إلى أن من بين التحديات التي تواجههم نقص الأيدي المهارة المتخصصة في الترميم.

حارة العقر (7).jpeg
حارة العقر (6).jpeg
حارة العقر (5).jpeg
 

ويضيف أنه تم اعتماد أحد البيوت مركزًا للتعريف بالإسلام، كما رُممت بعض المجالس القديمة لتكون متاحة للعامة، وتم افتتاح مصلى للنساء بكافة خدماته.

والسليماني مؤلف كتاب "حارة العقر"، ويقول إنه حاول قدر المستطاع عدم الإسهاب في التفاصيل كي تستفيد منه أكبر شريحة ممكنة وللتشجيع على قراءته، كما إن الكتاب مدعم بالكثير من الصور، وأغلبها صور قديمة ونادرة تم إضافتها للتعريف بالمكان، مشيرا إلى أنه سيتم طرح الكتاب بلغات مختلفة. ويكشف السليماني لـ"الرؤية" أنه يعكف على تحويل الكتاب إلى "الواقع الافتراضي"؛ بما يتيح لأي شخص من خارج حارة العقر، أو خارج السلطنة، أن ينفذ جولة افتراضية في المشروع السياحي الكبير، بمجرد ارتداء نظارات الواقع الافتراضي واعتماد خاصية ثلاثية الأبعاد والتصوير بزاوية 360 درجة.

الواقع الافتراضي.. لأول مرة

ومضى متحدثًا عن تفاصيل هذا المشروع غير المسبوق، قائلا: "أضفنا لهذا الجهاز- الذي سيُتاح قريبًا- شخصيات افتراضية ترافق السائح خلال جولته داخل الحارة، وكل مكان يضم الشخصية التي يتناسب معها، فمثلا قلعة نزوى وضعنا شخصية الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي كونه باني قلعة نزوى؛ حيث يقوم بشرح كيفية بناء القلعة، وهكذا مع باقي المزارات".

ويؤكد السليماني أنه تم الانتهاء من تصوير عدد من المواقع السياحية، مضيفًا أن الأفلاج من ضمن المزارات يسعى لتوثيقها بخاصية التصوير ثلاثي الأبعاد؛ حيث إن أغلب الزوار لديهم فضول للتعرف على الأفلاج وأعماقها، معرفة تاريخ بنائها، وعمق هذا البناء الذي يصل أحيانًا إلى 50 مترًا تحت الأرض، وتشعبه من الداخل وقنواته المختلفة؛ حيث يتيح تصويره وتوثيقه التعرف على الأفلاج عن قرب، كما إن هذه التقنية ستساعد الدارسين في هذا المجال". وعبر السليماني عن أمله في أن يلاقي هذا المشروع الواعد النجاح، وأن يتجاوز الصعاب.

حارة العقر (4).jpeg
حارة العقر (3).jpeg
حارة العقر (2).jpeg
 

وبالحديث عن استخدام جهاز الواقع الافتراضي داخل الحارة، يقول السليماني إن الجهاز سيتضمن مؤثرات خارجية، منها صوت غرفة لطحن الحبوب كانت قائمة في هذه المنطقة، وعندما يمر السائح سيُشاهد شخصًا يقوم بعملية طحن الحبوب، وكذلك بالنسبة للمهن الأخرى. ويضيف أن من أبرز ما يُميز المزار وجود العديد من المساجد، وهذه التقنية الفريدة ستُساعد السياح في التجوال داخل هذه المساجد.

ويوضح السليماني أنه يمكن عرض هذه التقنية في مختلف الجهات مثل المدارس والجامعات والكليات والمعارض والمتاحف، لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المهتمين بمشاهدة الحارة عن طريق التقنية الافتراضية.

تجارة الفضيات

لم تنتهِ جولة "الرؤية" عند هذا الحد؛ بل التقت مع سيف بن ناصر الطيواني صاحب مؤسسة "أبو عماد الطيواني" في نزوى، ومالك العلامة التجارية "حلية" في مسقط، وقد تحدث لـ"الرؤية" قائلا إن الشركة بدأت في عام 2002 بمحل واحد في سوق نزوى المركزي، لبيع الفضيات والخناجر والتحف والهدايا والمقتنيات القديمة، ومن ثم فتحت 4 فروع في نزوى و3 فروع في مسقط. ويضيف الطيواني: "لدينا ورشة متخصصة لصناعة المنتجات ومنجرة لصناعة العلب وتغليف الهدايا". ورغم أن جائحة كورونا كانت سبباً في خسارة الكثير من المشروعات، إلا أنَّ سيف الطيواني يُعبر عن شكره لله بفضل ما حققته الشركة من أرباح في ظل الجائحة، مع تحول الشركة إلى التجارة الإلكترونية، حيث زادت الأرباح بأكثر من 50%.

حارة العقر (1).jpeg
 

مزيد من التفاصيل حول مشروع "حلية" كشف عنها لـ"الرؤية" عماد بن سيف الطيواني المدير العام للشؤون الإدارية والمالية بالعلامة التجارية "حلية"؛ حيث يقول إن الفكرة جاءت من الشركة الأم "أبو عماد للفضيات"، وذلك لتوسيع الانتشار على مستوى محافظة مسقط، لكن بفكرة جديدة؛ حيث إن منتجاتها عبارة عن إكسسوارات رجالية وأخرى نسائية ومنتجات للزينة، فانطلقت "حلية" بأول فرع لها في 2018، ثم توسعت في 2019 بفرع جديد في مركز "العريمي بوليفارد" التجاري، وفي عام 2022 افتتح الفرع الثالث في "عمان مول". ويشير الطيواني إلى أن الشركة تسعى لأن تكون منتجاتها متاحة لكافة الفئات في المجتمع، وليس كما يشاع بأن الفضة لطبقة دون غيرها؛ لأنه تم تصميمها بتفرد وبمعايير خاصة. ويضيف أن "حلية" تخطط لإنشاء أول ورشة متخصصة في صناعة الفضيات، وستكون واجهة سياحية للمرتادين؛ حيث سيتاح لهم الاطلاع على تاريخ هذه الصناعة وكيفية التصنيع.

رئيسية.jpeg
 

تعليق عبر الفيس بوك