من يحاسب "اتحاد القدم"؟!

 

أحمد السلماني

ماذا بعد الخروج المعتاد لمنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، من سباق الوصول إلى بطولة كأس العالم؟ هل من محاسبة بعد هذا الإخفاق؟ سيخرج أحدهم ويقول: "نلطفها شوي ونخليها تقييم بدلًا من محاسبة"!!!

وأقول ردًا على ذلك إنه بعيدًا عن الفلسفة الزائدة غير المستساغة، فإننا نعرفُ- وبيقين تام- أين الخلل، وهم أيضًا في الاتحاد العماني لكرة القدم يدركون مكامن الخلل، فقد بدأت قصة النهاية منذ أن أعلن هذا الاتحاد في 2016 أنَّ هدفه الأسمى هو عودة الأحمر للواجهة الكروية إقليميًا وقاريًا ومن ثم الصعود لكأس العالم، فقد وضع البيض في سلة واحدة، وكانت النتيجة أن سقطت السلة وانكسر البيض وتداعت وتهاوت كل الأحلام والأوهام، لا فارقًا!

أدركُ يقينًا أن القائمين على الكرة العمانية بذلوا جهدًا كبيرًا كي يصل منتخبنا إلى مستويات فنية مكنته من مقارعة كبار القارة والتفوق عليهم أحيانًا، لكن فاقد الشيء لا يُعطيه؛ إذ إن تلك الانتصارات اللحظية كانت وليدة عوامل ذات علاقة بوضعية الفريق المنافس وبحماس اللاعبين وحنكة المدرب، إلّا أنها في الحقيقة وهمٌ قاتلٌ غطّى على كوم هائل من الأخطاء في البناء، و"القصور لا تبنى على تلال الرمل". والمؤسف حقيقة هو المكابرة وتكرار ذات الخطأ وانحراف اتجاه البوصلة، والمضحك المُبكي أن تخرج أقلام محسوبة على الإعلام الرياضي في توقيت معروف لتلميع الصورة، رغم أنها في حقيقتها تغرس مسامير صدئة مسمومة في شرايين كرة القدم العمانية ورياضتنا عمومًا؛ لتظل هذه الأخيرة مريضة مشوّهة ومشلولة.

لقد جفَّت أحبار أقلامنا وبحّت أصواتنا ونحن نصدح "الهرم مقلوب"، فمتى سيستقيم؟! لا نعرف، كيف لك أن تهتم بالقمة وتغيّب القاع؛ حيث إن تهميش الفئات السنية (دوريات الفئات السنية) وصل لمراحل الإقصاء والقتل العمد للمواهب، وحتى اليوم لم يتم التعاقد مع مدربين لمنتخبات الناشئين والشباب، ثم تأتي بمدرب كبير للمنتخب ويطلب منك معسكرات طويلة ليتسنى له بناء الفريق؛ لأنَّ أنديتنا المترهلة ودورينا الضعيف، أنتجوا لاعبين لا يملكون قدرة تنافسية عالية لمُقارعة السعودي الدوسري والياباني يوشيدا والأسترالي ماكلارين.

وحدها الجمعية العمومية مسؤولة عن محاسبة الاتحاد عن هذا الإخفاق وعن دورة العمل بمنظومة كرة القدم، لكن أنّى لهذه الجمعية- التي تتألف من الأندية ذاتها- أن تُحاسب مجلس إدارة هي من أتت به؟! كما إن الخلل يتجاوز مجلس الإدارة ليصل إلى إدارة المنتخب نفسه بعد الإخفاق الذريع في التعامل مع معسكر المنتخب في ظل الجائحة، وأخطاء أخرى رافقت مشوار منتخبنا في التصفيات وغيرها.

كنتُ أتمنى من الأندية أن يكون لها موقف شجاع بفتح ملف الإخفاق، وتشكيل لجنة محايدة تخرج بتوصيات ترسم خارطة طريق ومنظومة عمل جديدة لاتحاد كرة القدم، طالما أن الأخير فشل مجددًا في إيصال الكرة العمانية للعالمية.. لقد سمعنا عن لجنة التطوير الفني، لكنها لم تتحدث حتى نعرفها، وكل حديثها تمحور حول "بناء إستراتيجية جديدة، لكن متى؟ لا نعرف. في الحقيقة أخشى أنها لا تعدو كونها ثرثرة إعلامية وذرًا للرماد في العيون، أو أن تكون كما سابقاتها من اللجان، مثل لجنة صناعة البطل الأولمبي ولجنة الأداء العالي...إلخ.

على كل حالٍ، وطالما أنه ليس هناك من حسيب ولا رقيب بعد كل إخفاق رياضي، فإنَّ المسلسل مستمر لمواسم عدة و"يا ليل ما أطولك"!!