آن الأوان لعودة سوريا إلى البيت العربي الكبير

 

صالح البلوشي

جاءت زيارة معالي السيد بدر البوسعيدي وزير الخارجية إلى دمشق، يوم الإثنين، لتؤكد مُجددًا عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين الشقيقين ومواقف سلطنة عُمان الثابتة تجاه سوريا ووحدة أراضيها، وحقها في العودة مجددا إلى الجامعة العربية.

وقد نقل السيد وزير الخارجية خلال لقائه مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، تحيات جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- إلى الأسد، وتأكيد جلالته وحرصه على مواقف عُمان الثابتة تجاه سوريا، معتبرا أنّ سوريا ركنٌ أساسيٌ في العالم العربي، وسياساتها ومواقفها القوية والشجاعة تجعل التعويل عليها كبيرا في مُواجهة التحديات التي تحيط بنا، بحسب ما جاء في وكالة الأنباء السورية.

وبدوره وصف وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الزيارة بأنها "مفصلية ومهمة وتأخذ أبعادها من خلال العلاقات الوطيدة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين". كما نقلت وكالة الأنباء السورية عن المقداد قوله خلال استقبال البوسعيدي إن "العلاقات بين البلدين الشقيقين مستمرة ولم تنقطع، وسلطنة عمان وقفت إلى جانب سوريا في حربها ضد الإرهاب".

وكان المقداد قد زار سلطنة عُمان في مارس الماضي 2021، وهذه أول زيارة له إلى بلد عربي بعد تسلمه منصب وزير الخارجية في بلاده، خلفاً للوزير الراحل وليد المعلم.

العلاقات بين سلطنة عمان وسوريا لم تنقطع يومًا منذ بدء أحداث سوريا في عام 2011 وما تلاها من حرب دموية شرسة شنتها منظمات إرهابية تكفيرية مدعومة من دول مختلفة وبعضها عربية للأسف، وكانت مواقف سلطنة عُمان واضحة وصريحة أنها ضد أي تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد أو أي محاولة لتغيير قيادته السياسية بالقوة، معتبرة أنَّ ذلك شأنا داخليا يخص سوريا وشعبها، كما أن وسائل الإعلام العمانية الرسمية والخاصة كانت تنقل أحداث سوريا باتزان ومهنية عالية انسجامًا مع السياسة الإعلامية العمانية في نقل الحدث كما هو دون الدخول في الشأن الداخلي للدول.

كانت سوريا تئن منذ عام 2011 وتعيش الوجع بجميع تفاصيله الدموية القاسية، كانت تبكي دمًا وهي ترى بعض العرب لم يكتفوا بالتخلي عنها؛ بل طعنوا ظهرها بالخنجر عندما ساهموا في دعم الجماعات الإرهابية لتدميرها وتشريد شعبها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل شنوا عليها حملات إعلامية قاسية وشرسة، وعملت بعض القنوات مثل الجزيرة على إثارة الطائفية بين مكوناتها المذهبية المختلفة.

كانت سوريا لا تعرف أنَّ شاعرها الكبير محمد الماغوط هو إسماعيلي المذهب، أو أن أحد أبطالها التاريخيين الشيخ صالح العلي هو علوي المذهب، أو أن مفكرها الكبير جورج طرابيشي هو مسيحي الديانة، أو أن شاعرها نزار قباني هو سني المذهب، لقد كانت تعرفهم كسوريين ينتمون لأرض سوريا وتاريخها وثقافتها، ويحملون في دواخلهم هموم سوريا والعروبة.

لكنَّ الحاقدين والتكفيريين والطائفيين والمتآمرين لم يُريدوها أن تكون كذلك؛ بل أرادوا أن تكون سوريا بلدًا منهارًا ومقسمًا إلى كانتونات طائفية تحارب بعضها بعضا، لقد أرادوا أن يكون هذا البلد ذي التاريخ العريق يحكمه شرذمة من التكفيريين وشذاذ الآفاق الذين جاؤوا من أصقاع جغرافية مُختلفة.

كانت سوريا مهددة بالانهيار والتقسيم، وكان شبح الحرب الأهلية يخيم عليها، لكنها بشجاعة شعبها وصمود وبسالة قواتها المسلحة ودعم أصدقائها استطاعت بكل قوة واقتدار دحر الإرهاب وهزيمته وتحرير أراضيها المحتلة، ولذلك فإن سوريا بقواتها المسلحة وبدعم من حلفائها لم تكن تدافع عن أرضها وشعبها فقط وإنما كانت تدافع عن الأمة العربية، فالجميع يعرف أن المنظمات الإرهابية مثل: داعش والنصرة وجيش الإسلام وغيرها لم تكن تريد السيطرة على سوريا والعراق فقط وإنما أعلنت عن قيام ما يسمى "الدولة الإسلامية" التي تشمل جميع الدول الإسلامية دون استثناء، فحسب عقيدة هذه المنظمة الإرهابية، فإنَّ جميع ديار المسلمين هي دار حرب لأنها- حسب زعمها- لا تحكم بالإسلام، وبالتالي فإنَّ واجبها الشرعي يحتم إعادة فتحها من جديد وضمها تحت لواء الخلافة الداعشية.

لقد آن الأوان لسوريا أن تعود إلى البيت العربي الكبير إلى جامعة الدول العربية، وآن الأوان أن يُوحد العرب مواقفهم من أجل عودة الاستقرار إلى هذا البلد العربي الشقيق.