نحتاج إلى قرارات تنحاز للمواطن

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

(1)

لعل مقال الأسبوع الماضي حول "عاملات المنازل بين وزارة العمل وتدخّل السفارات" مسّ شريحة كبيرة من الناس، الذين وجدوا أنفسهم ذات مرة ضحايا لمافيا "الشغالات"، ووجدوا أنفسهم وجهاً لوجه في مرمى نار السفارات التي أصبحت قوانينها نافذة أكثر من وزارة العمل ذاتها.

ولذلك سيكون هناك مقال آخر قريبا، بعد أن نتبيّن من بعض الحقائق؛ فالأمر لم يعد يحتمل السكوت أكثر، فهذه المهازل يجب أن تتوقف، ولا بُد لوزارة الخارجية، ووزارة العمل، أن تكونا أكثر حزمًا تجاه السفارات التي لا تتقيّد بقوانين البلد، وأصبحت تحمي مواطنيها سواء كانوا على خطأ أو صواب، بينما ينظر العُماني بأسفٍ إلى القوانين المحلية والتي تحمي "العمالة الأجنبية" أكثر من حمايتها له كمواطن على أرضه، وفي وطنه.

(3)

صدرت الأسبوع الماضي التعرفة الجديدة للكهرباء، والتي طال انتظارها طويلًا، غير أن الكثيرين حاولوا فهم معاني القرار، وفك طلاسمه، ومعرفة أي ميزات وفرتها التعرفة الجديدة للمستهلك، وما له وما عليه، وأين يكمن مؤشر الرخاء فيها، فلم يجد سوى شرح مدرسي وضعه "عالم رياضيات" متمرس، ليصل في النهاية إلى الطريقة التي يتم بها احتساب التعرفة الجديدة.

تبّين فيما بعد أن التعرفة الجديدة تزيد من أعباء المواطن، مثلها مثل كثير من القرارات الحكومية، الفرق الوحيد بينها وبين التعرفة السابقة، أن الجديدة أصبحت أكثر خجلًا، فهي تزيد أعباء المواطن بالتقسيط المريح، على مدى عشر سنوات، وليس على مدى خمس سنوات.

في كل الأحوال، فإنَّ خلاصة التعرفة الجديدة هي "زيادة" متدرجة في الفاتورة، وكلمة "زيادة" هي مفتاح اللغز الذي طرحه قرار الهيئة، وهو الحل الذي يريد المواطن معرفته، بدل اللف والدوران، و"اللوغاريتمات" التي وردت في صيغة الإعلان.

(3)

ما زالت التعقيدات الحكومية في إنجاز المعاملات مُستمرة، إمَّا من خلال الموظف الذي لا يفقه من عمله شيئاً، وإما من خلال توقف "النظام" المستمر، وإما من خلال موظف مكتب سند الذي يحتاج إلى دورات مكثفة لمواكبة تطورات القرارات الجديدة التي تصله كل يوم، وإما من كثرة الأوراق والمستندات التي تتطلبها كل معاملة، وبطء الرد من الجهة المعنية، وعدم إبداء أسباب الرفض في أحيان كثيرة، مما يتطلب مراجعة المؤسسة، والتي لا يملك موظفوها الرد الكافي، وهذه الدورة المملة للعمل تعني ضياع الوقت والجهد والحماس حتى الذي قد يتطلبه مشروع ما على سبيل المثال.

لا تسهلوا الإجراءات فقط؛ بل أوجدوا نظامًا أكثر فعالية، وأفكارًا خارج الصندوق لحل مشكلة تعطل مصالح الناس، فما هكذا يكون الإنجاز، ولا هكذا تدار الحكومة الإلكترونية، ولا هكذا يكون الوصول إلى استراتيجيات المستقبل الموعود.

(4)

مشاكل المواطن كثيرة، وحياته أصبحت معقدة أكثر من أي وقت مضى، وهمومه تزيد نتيجة قرارات ليست في صالحه، وهو صابر كجملٍ حمّلوه فوق طاقته.

الرأفة بابن هذا الوطن، الرأفة بمن فقد وظيفته، وهان على الناس، أو ذلك الذي يواجه عقوبة السجن بسبب تعثّر مشروعه، أو ذاك الذي تطارده الأحكام القضائية لأنه لم يعد قادرا على تسديد قروضه، بعد أن وجد نفسه في الشارع دون عمل، ولأسباب لا ناقة له فيها ولا جمل.

تأكدوا أن "مستقبل الوطن، هو حاضر المواطن".