شهادتي في مؤتمر الشراكة الخليجي المصري

 

د. مجدي العفيفي

(1)

تلقيتُ دعوة من منظمي مؤتمر الشراكة الخليجي المصري للبتروكيماويات، الذي شهدته القاهرة مؤخرًا، وحضره نخبة من صناع القرار الاقتصادي في مصر والخليج، ونظمته «مجموعة «إيه سي أو» السعودية للبتروكيماويات، كي أُقدم شهادتي الاقتصادية ذات البعد الإعلامي عن السنوات الثلاثين التي عشتها في منطقة الخليج، انطلاقًا من سلطنة عُمان.

قلت إن الساحة الخليجية عامة، والاقتصادية خاصة تتحرك فيها أجيال جديدة من رجال الأعمال، الذين يتمايزون بثقافات موسوعية وتراكمات معرفية ومهارات استثمارية، تتجاوز المنظور التقليدي الذي ظل سائدا ردحا من الزمن.

(2)

دعوت، ولا أزال أدعو رجال الأعمال والمستثمرين في مصر خاصة، والعالم العربي عامة، الى الاستثمار بكافة أنواعه، في الأرض الخليجية، التي تتجدد بيئاتها، وتتطور أسواقها، وتفيض خيراتها ويتطلع شعبها إلى المزيد من الحياة الواسعة، لاسيما شبابها في عالم الأعمال، الملتحم بالعالم والمدرك لثوابته والمتحسب لمتغيراته، ويقيم التوازنات بثقافاته ذات المنابع المتعددة.

الثقة في الاقتصاد الخليجي أكثر أمانا وضمانا من الثقة في أي اقتصاد أجنبي، والضمانات تتجلى في خبراتنا العربية ذات المرجعية العرفية والمعرفية والأخلاقية والجمالية.. الخبرة الخليحية... تعبير جديد في القاموس العربي، له براهينه وشواهده، وفيه دلالاته ومشاهده، وأرقامه وإحصائياته.

كفى اعتمادا على الغير، تلك أيام خلت، لها ما لها وعليها ما عليها، وانتهت بانتهاء ظروفها المرحلية، الآن علم وتعليم على أرقى المستويات، وممارسات تجاوزت مراحل التجريب، لتستقر على شاطئ العطاء.. في كل اتجاه.

(3)

قلت إنني أطرحها في هذا الجمع الاقتصادي الكبير، من خلال كتاباتي الاقتصادية وتحقيقاتي الاستقصائية .. وحواراتي مع رجال المال والاستثمار والأعمال.. وتحركي في العديد من كبريات الصحف والمجلات في منطقة الخليج، مثل صحف عمان والوطن والرؤية والشبيبة وغيرها، ومجلة فوربس الاقتصادية الأمريكية، وجريدة السياسة الكويتية، وجريدة الشرق الأوسط ومجلة المجلة السعودية في لندن، ومراسلتي لصحف دار أخبار اليوم في القاهرة، منذ بداية عقد الثمانينيات في القرن الماضي وغير ذلك من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة.

(4)

وأعود للتأكيد مجدداً، على أهمية الإكثار من مثل هذه المؤتمرات.. فخـبراتنا وفيرة.. وخـيراتنا كثيرة.. وأدمغتنا قادرة على اختراق المستحيل إذا أعطيت الفرص.. والإرادة الإنسانية والإدارة السياسية.. تتجلى بهما التعادلية التي يرتكز عليها خطاب هذه الآونة من عصرنا هذا، ومن ثم فالقراءة الكاشفة لمجريات الأحداث في عالم اليوم – وهو عالم متغيراته أكثر من ثوابته، وفي منطقتنا بالذات وبالأخص عالمنا العربي- تؤكد أن التعاون الاقتصادي هو الأجدى فعالية في التقريب بين شعوبنا أكثر، وينجز ما لا تستطيع الخطب العنترية في دنيا السياسة أن تحققه، والشواهد ماثلة، والمشاهد دالة.. لمن أراد أن يستقريء أو أراد يقينًا!

(5)

ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فهذا نموذج جديد ويتكرر في شخصيات عديدة، وفي قطاعات استثمارية لا حصر لها، تابعته طويلا، قرأت ملامح مشروعه الاقتصادي الطموح والصعب أيضا، باعتبار أن مجال البتروكيماويات، من المجالات المتخصصة، وفي الوقت ذاته تهم كل الناس، وتدخل منتجاتها كل البيوت، بشكل أو بآخر.. إنه رجل الأعمال الشاب السعودي المثقف عبد الرحمن عالم الذي حمل على عاتقه مسؤولية استمرارية مؤتمر دوري تقيمه «مجموعة إيه سي أو» للبتروكيماويات، التي يرأس مجلس إدارتها، كما تمتد ذراع هذه المجموعة إلى أكثر من مكان، وتنهض المجموعة كوكيل متمرس لشركة OQ العمانية في القاهرة، وعبر خمس سنوات نجح بشهادة قيادات الشركة وتقارير مراقبيها في خلق اعتبار وثقل للعلاقة جنبها التعديات والتلاعبات التي تفرزها أحوال الأسواق وتحول دون انطلاق العمل وفق نهج قويم ومهنيٍ أصيل، وكذلك دعم وتنمية مصالح OQ في الأسواق، وحماية العلاقة التعاقدية معها ورفع مستوى خدمة عملائها وتعزيز العلاقة معهم ورفع قدراتها التنافسية، وتقديم الخدمات الاستشارية الفنية والتسويقية لدعم وتطوير استراتيجية التعاون بينهما.

ويحمل هذا الدماغ الاقتصادي رؤية ذات بعد قومي، فهو يرى أن للاستثمارات العربية والوطنية القوية دورٌ مهمٌ في النهوض بترجمة الرؤى الاقتصادية المستقبلية إلى حقائق وأرقام على أرض الواقع.. ليس في مصر وحدها بل إن الطفرة الاقتصادية للدول العربية واتجاهها نحو الاعتماد الذاتي على مقدراتها وقدراتها الحقيقة ولّد عنه إنجازاً استثنائياً تشهد به تقارير المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية.

ويضرب على ذلك مثلاً .. فنرى في المملكة العربية السعودية أرقاماً مذهلة للاقتصاد غير النفطي في سنوات معدودة منذ بداية إطلاق رؤيتها 2030، مما وضع المملكة العربية السعودية في مكانها المستحق على خارطة الاقتصاديات الصناعية الإقليمية والدولية، وليس الاقتصاد السعودي فحسب بل وكذلك الإماراتي والعماني وغيرهم من الدول العربية.

ومن عميق ما ذكره في المؤتمر إشارته بل يقينه بأن قدرات بلادنا الاقتصادية من المحيط إلى الخليج أكبر وأعظم شأناً من كونها أراضي حباها الله بالخيرات والمواد الخام فقط، بل هي أيضاً منافسٌ قويٌ لتلك الأسواق الريادية التقليدية الصناعية منها والتجارية،

ومن ثم يرى أن تضافر الجهود العربية للاستفادة من بعضها البعض سيكون له عظيم الأثر على قوتها الاستثمارية والتنافسية في الأسواق العالمية مما يعود قطعاً بالنفع الكبير لشعبنا العربي.

(6)

بالفعل ما أشد احتياجنا الآن وغدا إلى دور أكثر فاعلية للقطاع الخاص الوطني في الوقوف كتفاً بكتف مع حكوماتنا للمساهمة في تحقيق هذه الرؤى الاقتصادية المستقبلية لبلادنا، طبقا لتوصيفه، وتأكيده على سعي القطاع الخاص والوطني ليقوم بدوره.

لكن كيف؟!

يقول إن علينا أن نُبين الفرص الاستثمارية والتجارية في كلٍ من السوق المصري والأسواق الخليجية خاصة السوق السعودي في قطاع البتروكيماويات والصناعات التحويلية لحث رجال الأعمال والمستثمرين من كلا الجانبين على تدعيم هذه الجهود المبذولة من قياداتنا -حفظهم الله-، وهذا هو هدفنا ومبتغانا.

وطرح على الملأ أمام الكثير من صناع القرار الاقتصادي في منظومة البتروكيماويات، وأما عشرات من وسائل الإعلام: نحن كمنظمين لهذا المؤتمر على أتم الاستعداد للقيام بأي دور تكلفنا به قياداتنا في المملكة العربية السعودية أو جمهورية مصر العربية لدعم العلاقات والاستثمارات والاهداف المنشودة والتي من شأنها توحيد الرؤية بين القطاع الخاص والحكومات ليكون عمل وتوجه القطاع الخاص صدى لرؤية القيادة الشاملة في النهوض ببلادنا.

(7)

ولقد شهدت جدليات بين ثلة من كبار المشاركين في جلسات المؤتمر التي شارك فيها الدكتور إبراهيم عشماوي نائبا عن وزير التموين، وهو الأستاذ الجامعي والمحاضر الأكاديمي، واللواء مهندس إيهاب أمين نائبا عن وزيرة التجارة والصناعة، والكيميائي سعد هلال رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات نائبا عن وزير البترول والثروة المعدنية، والمهندس خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري باتحاد الصناعات المصرية، وحامد خليل الرئيس التنفيذي لمجموعة إيه سي أو السعودية للبتروكيماويات، والمهندس محمد إبراهيم رئيس مجلس إدارة شركة سيدي كرير للبتروكيماويات، وممثلون من شركات أمريكية وبريطانية عاملة في مجال البتروكيماويات، بالإضافة إلى عدد من رؤساء الشركات العاملة فى القطاع.

ثمة إجماع على ضرورة ترجمة مثل هذه الأطروحات والتوصيات التي تبناها المؤتمر، من قبيل المزيد من التعاون والتحالف الاستثماري والصناعي والتجاري والتنظيمي بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، لرفع الكفاءة التنافسية لمخرجات صناعة البتروكيماويات في مواجهة التحديات والمنافسة الخارجية نحو ميزة تنافسية مضافة مشتركة في الأسواق العالمية، ودعا المؤتمر منتجي البتروكيماويات في مجلس التعاون الخليجي ومصر إلى تشكيل لجنة مشتركة لخلق الفرص وتقريب وجهات النظر لفرص استثمارية مستقبلية.