عيسى الغساني
الظاهرة الاجتماعية كما يعرفها علم الاجتماع، تعد سلوك المجتمع تجاه أمر أو مسألة أو قانون وتنقسم إلى سلوك إيجابي وسلبي فالسلوك الإيجابي، يُعزز تماسك المجتمع ونموه، وكنموذج للظاهرة الاجتماعية الإيجابية، ظاهرة احترام القانون والتي تعد من أهم وأخطر القواعد الاجتماعية التي تشكل التكوين الفكري والنفسي للأفراد والمجتمع وتلقي بظلالها إيجابًا وعلى كل مناحي الحياة. وعلى النقيض تعد ظاهرة عدم احترام القانون ومخالفته ظاهرة اجتماعية سلبية، تنخر كيان المجتمع والدولة وتمهد لكل السلوكيات المنحرفة والمخالفة للقانون.
ونشوء ثقافة احترام القانون والثقة بأنَّ قواعد القانون ليست ملزمة فحسب بل مطبقة تطبيقاً سليماً، وأن كل من يحاول العبث أو استغلال موقعه أو نفوذه لن يسمح له ولن يتمكن من كسر حرمة قواعد القانون، وذلك بحكم وضوح قواعد التطبيق والحرص عليها مما ينشئ عنصر الوضوح والتطبيق التلقائي الصحيح لكل من يتعرض لمسألة قانونية أو يطالب بحق أو من يكلف بواجب. وهنا تنشأ الاحترام والثقة بحكم القانون.
وتعد ظاهرة العنف من أخطر الظواهر الاجتماعية السلبية، وتتشكل ظاهرة العنف من تصرفات فردية، تتراكم بمرور الوقت لتصبح ظاهرة اجتماعية، يصعب السيطرة عليها، وتلقي بظلالها القاتمة على جوانب الحياة الفردية أو الاجتماعية وعلى قدرة الدولة على التنمية، حيث يكون التوجه نحو تقليل العنف والسيطرة عليه هاجس الجميع، ونتيجة لخطورة ظاهرة العنف سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو الدولة، يقتضي أحد طرق العلاج فهم جذور ظاهرة العنف ومدى الخطورة التي توقدها على المدى القصير أو البعيد، وتتصدى مدارس التحليل النفسي والاجتماعي والاقتصادي والقانوني، للتقييم واستنتاج الأسباب الحقيقة والواقعية لبذور العنف ومن ثم المعالجة والتصحيح وأخيرا السيطرة والتوجيه تمهيدًا للسيطرة على الظاهرة والتصحيح.
ومن زاوية علم القانون، الغاية الأسمى للقانون أياً كانت درجته هي الرقي بالسلوك الفردي والاجتماعي إلى أعلى مراتبه الأخلاقية، ولكن تظهر المشكلة عندما تكون القاعدة القانونية غير محكمة وتتحمل عدة تفاسير وربما تساهم في نشوء ظاهرة مخالفة القانون وظاهرة انحراف السلطة، وهذا يحدث عندما تؤدي القاعدة القانونية إلى نتائج غير التي سنت من أجلها، هنا تشكل القاعدة القانونية عنصر ضرر سلبي، ومن الواجب والمصلحة الإلغاء أو التعديل والتصيحح وإعادة القيمة المعنوية للقانون وهو عنصر الثقة في القانون.
والخلل في القواعد القانونية أو القوانين من حيث السن أو التطبيق واقع؛ حيث الجهة المشرعة، درست الواقع واستلخصت نتائج تكشف عند التطبيق بأنها غير صحيحة وغير واقعية وعند التطبيق اتضح عدم صلاحية القاعدة القانونية، وتتجه كل المدارس الفكرية القانونية وفقهاء القانون والعاملين في حقل القانون إلى ضرورة التعديل بأسرع وقت لتلافي الأضرار المادية والمعنوية للقانون غير الصالح.
ثمة بعد آخر لأهمية فاعلية القوانين يتمثل في البعد الدولي؛ حيث تنشط منظمات دولية، حكومية وغير حكومية مثل منظمة الشفافية الدولية لوضع تصنيف شفافية وفاعلية القانون لكل دولة، وأثرها غير بسيط على التقييم المعنوي للدول.
وهذا الطرح يستوجب نشوء جهة إدارية ذات صلاحيات للمتابعة والتقييم واقتراح تعديل، وتنشأ بأداة قانونية وتقدم تقرير فاعلية القانون السنوي ومقترحات التعديل والتصحيح.