مسؤولية وطنية قبل أن تكون مجتمعية

 

ناصر بن حمد العبري

كلنا نقدر ونحترم رجال القانون، الذين يبذلون كل طاقتهم ووقتهم لإظهار الحقيقة ونصرة الحق، وندرك أنه لايكاد مجتمع في العالم يخلو من التجاوزات والجرائم مثل الاستيلاء على المال العام بالاحتيال أو السرقة أو حتى القتل، كما إن جرائم الاغتصاب والمخدرات والتحرش وغيرها من الجرائم منتشرة في جميع المجتمعات، ونحن في مجتمعنا العماني الأصيل ولله الحمد له عاداته وتقاليده التي حدَّت للغاية من هذه الجرائم؛ حيث إنَّ نسبة انتشار الجريمة لدينا منخفضة للغاية.

لذلك علينا التركيز علي قضايا موجودة وتستحق الوقوف معها ومُعالجتها مثل تأخر الزواج والطلاق المبكر والمهور المبالغ فيها والمصاريف الطائلة في حفلات الزواج، إلى جانب تثقيف المجتمع وحث أولياء الأمور على تحمل مسؤولياتهم ومتابعة سلوك أبنائهم، وعلى المثقفين ورجال القانون والمؤسسات التعليمية والدينية والمجالس البلدية التنسيق فيما بينهم لتكثيف الندوات والمحاضرات وبث الوعي بين أفراد المُجتمع.

إننا ولله الحمد نعيش في دولة القانون والعدل، وقد كفل القانون للمواطن والمُقيم الحق الكامل في العيش بكرامة، كما إن المشرع العماني وضع القوانين والمواد الرادعة لكل من تسول له نفسه المساس بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة أو الخوض في أعراض الناس؛ لذلك علينا ألا نشجع على رفع القضايا أمام المحاكم فتزيد الخصومات بين أبناء الوطن؛ بل علينا بث روح التسامح والمحبة والتقريب بين كل أفراد المجتمع وتوسيع نطاق المصالحات، وأن لا نشجع أي طرف على التصيد ونصب الشباك للآخرين.

إن المجتمع في الوقت الحالي بحاجة إلى التشجيع والتحفيز، والانشغال بالتعليم والمطالعة والبحث والابتكار، وعلينا جميعًا أن نعلِّم أبناءنا أنهم أحفاد أحمد بن ماجد والإمام سيف بن سلطان اليعربي "قيد الأرض"، علينا أن نعرفهم بعلماء عُمان الأجلاء والأدباء، أن نسلط الضوء على كفاح الأجداد ونغرس فيهم القدوة الحسنة، وكل ذلك مسؤولية مشتركة بين المدرسة والجامعة والمؤسسة الدينية ووسائل الإعلام. ونحن في نهضة عُمان المتجددة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تتوافر لنا كل السبل والطرق لدعم أبنائنا وبناتنا؛ سواء في ريادة الأعمال أو في الابتكار والبحث العلمي والأعمال التطوعية والخيرية.

وأودُ في هذا المقال أن أوجه كلمة شكر وثناء للجان التوفيق والمصالحة في مختلف محافظات السلطنة على دورها الكبير والمخلص والذي يساعد في تقريب وجهات النظر بين الخصوم، وعلينا إحياء دور السبلة العُمانية التي كانت منابر للعلم والمعرفة وتبادل الآراء والمقترحات ومناقشة كل الجوانب المجتمعية وأن لا تقتصر على إقامة مناسبات العزاء والزواج.