سياسة الباب "المُغلق"

 

 

 

سالم البادي

 

توجيهات جلالة السُّلطان

إنَّ مفهوم سياسة الباب المُغلق يمسح بكل معانيه ذاك التعاون والتكاتف المفروض بين أطراف أي مؤسسة أو شركة، ويحمل أيضاً في طياته معنى الانفرادية في الإدارة.

لذلك؛ وفي تأكيد مُسبق من حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الحادي عشر من يناير يوم تولي جلالته مقاليد الحكم بالبلاد، وكذلك أثناء لقاء جلالته مع المُحافظين وولاة وشيوخ ورشداء محافظات كلٍّ من الوسطى والداخلية وشمال الشرقية بأن المسؤولين وُجِدوا لخدمة الوطن والمُواطن، وعلى الجميع التعاون والتكاتف من أجل المصلحة العامة.

وأكد جلالة السُّلطان -حفظه الله- أنَّ الحكومة ماضية قدمًا في تطبيق نهج "اللامركزية" في كل محافظات السلطنة، وأعطى توجيهاته السديدة للعمل بأسرع ما يمكن لأن يحظى "المواطن والمُقيم والمستثمر" بأفضل وأسهل وأجود الخدمات الحكومية العصرية المُقدمة.

إنَّ المُعاناة ما زالت قائمة في أروقة مؤسساتنا الحكومية للأسف الشديد بخصوص "سياسة الأبواب المغلقة"؛ فمعظم الوزراء ومديري العموم وحتى رؤساء الأقسام ما زالت أبواب مكاتبهم مغلقة أمام المراجعين، ورغم أن وجود هذه الجهات الحكومية يقع تحت بند المؤسسات الحكومية الخدمية والتي تقدم خدماتها للجمهور فما زالت أسباب الباب المغلق قائمة على حُجة الانشغال الدائم والاجتماعات والزيارات الخارجية والإجازات الإدارية وغيرها.

وللأسف، هذه حُجج مُفتعلة واهية تحمل في طياتها "الإهمال واللامبالاة" وهي "سياسة الضعفاء".

والمُراجع لا يأتي للوزارة إلا لحاجة لا يقدر أن ينجزها عبر البوابة الإلكترونية لنقص ما، أو بسبب إداري أو خدمة غير مفعلة عبر النظام الإلكتروني.

حتى دائرة المراجعين أو المحطات الموحَّدة يشملها فراغ إداري؛ فلا تغني ولا تسمن من جوع للأسف، فقد تغيب الكفاءة عن بعض الموظفين القابعين خلف تلك الأبواب المغلقة، كذلك الحال في عدم أهلية معظم الموظفين لدى باب خدمة الجمهور؛ حيث ضعف ثقافتهم وعدم ثقتهم بأنفسهم وليس لديهم الإلمام الكافي بكيفية سير وفحوى التعامل مع المراجعين؛ فخيبة الأمل قد يحملها المراجع أثناء سير مُعاملته ويسود الإحباط أجواءه من سوء المعاملة، وينتابه شعور بعدم الرضا.

لذا؛ فلابد من توافر الكوادر الوطنية لدى الجهات الحكومية، خاصة في دائرة المراجعين، كوادر تتصف بمهارات ذاتية متطورة قادرة على التعامل مع جميع شرائح المجتمع، وحضور المسؤول ضروري جداً في كل الحالات حتى يكون قريبا من متابعة عمل الموظفين وحل إشكاليات المراجعين بأسرع وقت ممكن، وبالصلاحيات المتوفرة لديه.

إنَّ أهمية الإسراع في تطبيق الحكومة الإلكترونية المتكاملة في مؤسساتنا الحكومية توفر الوقت والجهد والمال وتقضي على "سياسة الباب المغلق"، لكنها ستبقى في نقصان لأنها لن تتمكن من القضاء عليها كليًّا، وسيبقى المسؤولون في ميدان العمل لخدمة الجمهور العام؛ لذا سيقل عليهم العبء والجهد؛ فمن الواجب ترك أبوابهم مفتوحة للجميع، وعليهم أن يتلمَّسوا طلبات الجمهور ويقوموا بتذليل كل الصعاب وتسخير كل الإمكانيات لتخليص وإنجاز مصالح المواطنين والمقيمين والمستثمرين.

 

"المؤسسة الناجحة"

لا بد من نشر ثقافة الباب المفتوح في أوساط المجتمع حتى تتولد لدى المسؤولين الثقة بأنفسهم ونجاح قيادتهم وإدارتهم، ورفع كفاءتهم وتطوير مهاراتهم العلمية والمعرفية والعملية.

إنَّ نجاح أي مؤسسة في مهامها مرتبط ارتباطا وثيقا بالمواطن والمجتمع بشكل عام مهما كان حجم نشاطها، فالمؤسسة الناجحة هي التى يكون اهتمامها منصبًّا في خدمة المراجعين ومصالحهم، وهي المؤسسة التى ترعَى وتسعَى لتطوير خدماتها للجمهور للأفضل وتضع الخطط والرؤى لمستقبلها، وتضع نصب أعينها التركيز في تعميق وتعزيز الثقة بين الجمهور والمؤسسة.

نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين أي في عصر الثورة الصناعية الرابعة التى تتميَّز بالعلوم الرقمية والذكاء الاصطناعي، وهو العصر الذي اختصر الكثير من الأعمال من خلال تطوُّر وتقدم التكنولوجيا الحديثة، وتبشِّر هذه الثورة الصناعية بتوسيع رقعة التغييرات لتحويلها إلى أنظمة قادرة على تقليل العامل البشري وإحلال العامل التقني؛ وبالتالي لا تحتاج المؤسسات إلى تكدُّس أعداد الموظفين؛ بالتالي سينتهي ما يُسمى بـ"البيروقراطية".

لأنه متى ما وجد التكدُّس في المُوظفين في المؤسسة وجدت "البيروقراطية".

تعليق عبر الفيس بوك