لا يجب التفريط به

 

 

وليد بن سيف الزيدي

تعدُّ مُحافظة البريمي إحدى محافظات السلطنة الواقعة في الجزء الشمالي منها، وإنَّ أكثر ما يميزها ذلك التنوع الاجتماعي والثقافي بين قاطنيها حالها كحال المدن والعواصم الكبيرة، إلا أنها ما زالت تعاني من ذلك الضعف الذي يسيطر على حركتها التجارية بشكل ملحوظ على الرغم من الجهود التي بذلت في فترات سابقة والتي تبذل كذلك اليوم، والتي كان آخرها تسهيل حركة الأفراد والسلع بينها وبين المُحافظات الأخرى في السلطنة، إلا أنَّ تلك الجهود تبقى غير كافية لمعالجة ذلك الضعف في النشاط التجاري.

فيا تُرى ما الأسباب وراء بقاء ذلك الضعف واستمراره في النشاط التجاري في البريمي، مقارنة بعودة النشاط التجاري التدريجي في بعض المحافظات الأخرى مع تراجع تأثيرات الجائحة؟ هل الأسباب متعلقة بالمؤسسات التجارية أم الأفراد من التجار في المحافظة؟ أم بالموقع البعيد نسبيًا من العاصمة مسقط والمدن العُمانية الكبيرة كصحار ونزوى مثلًا؟ أم عدم كفاية المخصصات المالية لإنعاش المحافظة؟ أم بسبب البيئة الطبيعية والمُناخية؟ أم بسبب الحاجة إلى زمن أطول من أجل معالجة الوضع؟ أم أنَّ هناك أسبابا أخرى يمكن إضافتها ممن له علاقة بالنشاط التجاري داخل المحافظة؟

وإذا كانت هذه هي الأسباب أو غيرها، فهل تم البحث عنها والتعرف عليها وعمل دراسة علمية حقيقية تضمنت جمع البيانات بأنواعها وباختلاف مصادرها بغية التوصل إلى حلول لمُعالجة هذا الوضع؟

فهنا.. يُمكن القول بأنه من الجيد أن يكون هناك مركز للبحوث والدراسات تابع لمكتب السيد المُحافظ داخل المحافظة أو بالتعاون مع الأساتذة الجامعيين في الجامعات والكليات سواء من داخل أو خارج المحافظة، والاستفادة من قدراتهم ومهاراتهم البحثية في تناول مثل تلك التحديات التي تواجه المحافظة سواء في الجانب التجاري أو التعليمي أو الاجتماعي بهدف إيجاد الحلول المناسبة التي تكون من صالح المحافظة ومؤسساتها وأفرادها.

نعم.. ومن الناحية التعليمية فقد شهدت المحافظة نشاطًا تعليميًا جيدًا في بعض مدارسها في الفترة التي سبقت الاختبارات النهائية للصفوف العاشر والحادي عشر من الفصل الدراسي الحالي، وحيث تمثل هذا النشاط في الاستفادة من المهارات التعليمية التكنولوجية التي تم اكتسابها في وقت سابق من بداية الجائحة في تنفيذ دروس التقوية لطلبة المدارس عن طريق نظام التعليم عن بُعد خلال الفترة المسائية. وحيث تم التطرق في هذه الدروس إلى شرح نماذج من اختبارات سابقة والتفاعل مع الطلبة حول أي تساؤلات ترد منهم. وحيث كان الحضور لتلك الدروس والتفاعل معها ليس بقليل مقارنة بالحضور في فترات دروس التقوية التي كانت تنفذ قبل الجائحة داخل المدارس خلال الفترات المسائية.

ومن الناحية الاجتماعية وعندما يجتمع أفراد العائلة الواحدة أو أفراد القبيلة أو القرية الواحدة في أمر ما، فإن البعض يقوم بمصادرة أفكار وآراء ورغبات البعض الآخر منهم، وربما يصل إلى الكلام بلسانهم. وهم الذين يكبرونهم في السن والتجربة والفضل وذلك بحجة أنهم أكثر دراية ومعرفة بمصلحتهم من أنفسهم وذلك طبعًا حسب وجهة نظرهم القاصرة.

سائل يقول:  لقد بدأت هذا المقال بالحديث عن ضعف النشاط التجاري في البريمي، ثم تطرفت إلى دروس التقوية لطلبة المدارس في المحافظة التعليمية، وبعد ذلك تناولت موضوعًا اجتماعيًا تمثل في مصادرة الأفكار والآراء والرغبات بين بعض الأفراد والأسر. ولكن الغريب أنك لم تتطرق إلى عنوان المقال بشكل صريح فيما سردته من حديث فماذا يعني هذا؟

أشكرك على تفاعلك يا أخي العزيز. إن المعنى الذي أردت إيصاله لك أن هناك مقترح في الموضوع الأول، وتأكيد في الموضوع الثاني، وتعدي في الحقوق في الموضوع الثالث.

وبمعنى آخر لا يجب التفريط بمقترح البحث والدراسة المبنية على أسس علمية في إيجاد الحلول حول معالجة ضعف النشاط التجاري داخل المحافظة.

ولا يجب التفريط بالمهارات التعليمية التكنولوجية التي تم اكتسابها خلال فترة الجائحة؛ وذلك بهدف الاستفادة منها واختصار الوقت والجهد والتكلفة.

كما لا يجب التفريط بأفكار وآراء ورغبات الآخرين من خلال مصادرتها وتهميش أصحابها، وخصوصًا إذا كانوا يسبقونك  في السن والخبرة والتجربة والفضل.

وبعد ذلك فيمكنك يا أخي العزيز أن تضيف أشياء أخرى لتصبح الفكرة أكثر بُعدًا وفائدة وذلك من خلال الحديث مع نفسك بعبارة لا يجب التفريط في كذا وكذا وكذا.

والله الموفق...،

تعليق عبر الفيس بوك