خلفان الطوقي
ذكرت كلمة "المحتوى المحلي" في النطق السامي لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق -أيده الله- أثناء حديثه مع مشايخ وأعيان المحافظات.. فما المقصود منها؟ وما فوائدها؟ وهل تم تطبيقها في السلطنة؟ وغيرها من نقاط ستسلط الضوء عليها الأسطر التالية.
يقصد بـ"المحتوى المحلي" بلغة سهلة جداً: كل السلع والخدمات التي تنتج بشكل جزئي أو كلي في بلد مُعين، ويتم الاستفادة منها في نفس البلد. على سبيل المثال: قنينة ماء صُنعت في عُمان، ويتم شراؤها من وزارة حكومية معينة، وعليه يمكننا أن نقول إن هذه الوحدة الحكومية تستخدم محتوى محليًا عالياً، والسبب أن الماء من آبار عُمانية، ويعمل في ذلك المصنع عدد من العُمانيين، والمصنع في عُمان، ويدفع المصنع رسومًا وضرائب للحكومة، والعاملون فيه يصرفون جزءا من أموالهم داخل عُمان. وفي المقابل، إن قامت جهة بتوريد "قنينة ماء" من خارج عُمان، فعليه يُقال إنَّ المحتوى المحلي معدوم أو شبه معدوم؛ لأنَّ القيمة المضافة للدائرة الاقتصادية المحلية قليلة جدًا، وبلغة الأرقام يمكن أن تمنح -مجازا لهدف التوضيح- القنينة الأولى المحلية درجة 80، والقنينة الثانية درجة 10 في معايير المحتوى المحلي.
المحتوى والمشتريات المحلية لم تطبق في المؤسسات الحكومية بشكل كامل، وأن طبقت فليس بالشكل المأمول أو الصارم الذي يضمن تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، ولا يمكن مقارنتها بتجربة شركة تنمية نفط عُمان، فلهذه الشركة تجربة ناضجة بدأت منذ حوالي 2012م، وحققت أهدافاً تحفيزية في توظيف العُمانيين، وتأهيلهم، وتنمية المجتمعات المحلية، ورفع مستواهم المالي، وأسهمت في بقاء ودوران رأس المال محليا، وتعاظم القوة الشرائية، كما شجعت الشركات المحلية لتطوير أنظمتها التشغيلية، ونمو الأنشطة التجارية المصاحبة، وتشجيع هذه الشركات للمنافسة المحلية والعالمية... وغيرها من الفوائد التي إن بدأت لن تنتهي، بل تتطور مع الأيام.
الحكومة حاولت ولا تزال ساعية من خلال مجلس المناقصات منح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما نسبته 10% من خلال المناقصات الحكومية التي تحصل عليها الشركات، لكن لا زال الأثر غير واضح ومرضٍ لهذه المؤسسات، ولكي يكتب النجاح والنضوج لهذه التجربة، فالمُقترح هو إنشاء كيان مركزي موحد يُعنى بهذا الملف الذي يمكنه أن يحقق أهدافًا تنموية نوعية مستدامة تتناسب مع تطلعات رؤية عُمان 2040، وتطلعات العُمانيين والمقيمين، وتطوير بيئة الأعمال لتكون جاذبة للمستثمر المحلي والعالمي، ويمكن للحكومة الاستفادة من تجربة شركة تنمية نفط عُمان، وأن تعمم التجربة منهجياً لجميع الوحدات الحكومية والشركات الحكومية وشبه الحكومية من خلال هذا الكيان المركزي وفق معايير رقابية صارمة ومنهجية موحدة شفافة تضمن التوازن في دعم وحماية الصناعات والمنتجات والخدمات المحلية دون إلحاق أي ضرر بالغير.
وإن تم إنشاء كيان حكومي مركزي رقابي وتنظيمي، واستطاع تطبيق المعايير المحددة للمحتوى المحلي، فسيستطيع بشكل تدريجي نقل ثقافة المنتج المحلي إلى الشركات المساهمة العامة والمغلقة والأفراد.