وطن تحيطه عناية الله

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

الفقر أحد أوجه سوء توزيع الدخل الوطني على السكان، ووجود فقر في دولة ما لا يعني بالضرورة أن هذه الدولة فقيرة أو متخلفة حضاريًا، وعُمان الأرض والإنسان، كانت تعيش في فترة من الفترات وما قبل عصر النهضة، مستويات معيشية مُتدنية، نتيجة للظروف التي كانت محيطة بالمنطقة آنذاك، وبسبب الأوضاع السائدة في تلك الحقبة، والتي كانت تشهد نقصًا حادًا في الموارد، مما صرف الانتباه وقتذاك عن أهمية وضرورة دحر تلك الظروف عن البلاد والعباد، ما جعل الأمر يتطلب حينها، جهودًا كبيرة مضاعفة، للانتصار على البُغاة والطاغين والخارجين عن القانون.

استدعى ذلك وجود قوة بشرية ذات احترافية وجاهزية قتالية عالية، وأنواع مختلفة من العدة والعتاد المتنوع، والحمدلله مع تولي السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في البلاد، انتقلت عُمان تدريجيًا إلى عصر تجددت فيه الهمم، وكبرت بطموحاتها العزائم. فما نعيشه اليوم من منجزات عظام، شاهد على عمل وحب السلطان قابوس- رحمه الله- لوطنه وشعبه؛ إذ وعد فأوفى، وعمل بصمتٍ فتحققت المنجزات غير المسبوقة. وقد قال- رحمه الله- في خطابٍ له: "أيها الشعب سوف أعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب".

نعم لقد رحل السلطان قابوس عن دنيانا، لكن بقيت منجزات النهضة التي قادها بحكمة واقتدار في مجالات التعليم والصحة والاهتمام بالإنسان العماني.

ومنذ اليوم الأول لتولي مقاليد الحكم في سبعينيات القرن الماضي، دعا إلى توحيد البلاد، كما دعا أولئك الذين دفعتهم الظروف إلى السفر للخارج، إلى العودة للوطن للمساهمة في بنائه وتطوره، فلبى الكثير منهم النداء، وبمجيئهم تكاتفت الجهود، وتعاضدت الأيادي، واتحدت الأنفس، ومضت على بركة الله تعالى المسيرة تعلي من شأن الوطن، تبني مقدراته، وترتقي بمنجزاته، واحدا تلو آخر.

إن عُمان وهي تستشرف اليوم آفاق العام الجديد، وتتطلع بكل المسؤولية إلى مستقبله الواعد المليء بالخير، والذي نراه كذلك، ونتوسم فيه ذلك، فإنها تمضي في مرحلتها الجديدة وعهدها الأحدث، بقيادة رجل ملهم حكيم، وسلطان فذ عظيم هو حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله ونصره- مواصلًا ما كان ينشده السلطان قابوس طيب الله ثراه لعُمان وشعبها الأبي. وهو ما نراه اليوم رأي العين، يتمثل أمامنا ويتجسد على أرض الواقع حدثًا مُشاهدًا وملموسًا، وما لقاء جلالته- حفظه الله ورعاه- في حصن الشموخ، بشيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى، وإسداء توجيهاته وأوامره السامية، وإبداء ملاحظاته على كثير من الأمور، إلا دليل واضح وبرهان ساطع، على أن ما يسير عليه جلالة السلطان- أيده الله- ترجمة لنهج السلطان قابوس- طيب الله ثراه- ورؤى وأفكار جديدة من لدن جلالته- حفظه وأطال في عمره- بما يواكب المرحلة الحالية والمستقبلية، بكل ما هو جديد وفيه خير عمان وأهلها.

شكرًا مولاي السلطان هيثم على ما تفضلتم به من تخصيص 20 مليون ريال لتنمية المحافظات، وإتاحة الفرصة للمحافظين للإشراف على المشاريع التي تنفذها الحكومة، متطلعين أن يعم الخير كل فردٍ منِّا، تحسينًا لمعيشتنا، وقضاءً لديوننا وحاجاتنا، ودرءًا لمعاناتنا.

هذا وفي ظل ما تعيشه محافظة الداخلية من أفراح المقدم السامي، فإنَّ أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة بنزوى، شهدت احتفال شرطة عُمان السلطانية بيومها السنوي، الذي يوافق الخامس من يناير من كل عام، وذلك تحت الرعاية السامية الكريمة لجلالة القائد الأعلى -حفظه الله ورعاه.

ومن هذا المنبر، فإني أوجه تحية إجلال وإكبار، وكلمة شكر لشرطة عُمان السلطانية، التي تعد من أحدث وأفضل الأجهزة الشرطية في العالم من كل النواحي، على ما قاموا ويقومون به من أعمال مشرفة تبعث على الفخر والاعتزاز، وما يزيدنا فخرا بهذا الجهاز، أن منتسبيه من أبناء عمان الأشاوس، ورجال الوطن المغاوير، الذين هم حماة للحق وحراسا للمبادئ. وقد حظي جهاز الشرطة منذ إنشائه، بالعديد من التحديثات والتطورات التي شملت كافة مجالاته وقطاعاته.

فشكرا مرة أخرى لرجال الشرطة وكافة منتسبيها، شكرا لقادتها ولمسؤوليها والقائمين عليها، على التعامل الراقي الذي يقدمونه ويبدونه ويظهرونه كل في مجاله وتخصصه.

وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على فهم أن ما يقومون ويتحلون به من صفات وأخلاق وتعامل حسن وجميل، هو واجب عليهم تمليه عليهم أولاً الأخلاق والتربية والإنسانية والفهم، وثانيا العلم والثقافة والمعرفة والأسلوب، وتاليها معرفة الله جل جلاله حق المعرفة، والقرب منه، في وقت نؤمن فيه، بأن لكل قاعدة شواذ، إلا أنه لا قياس على الشاذ.

حفظ الله وطننا من كل سوء وشر ومكروه، ووفق الجميع لخدمته لما فيه خير البلاد والعباد، ومنفعة الصالح العام. والله جل جلاله نرجوا وندعوا، أن يحفظ المسيرة آمنة مؤمنة مطمئنة، يأتيها رغدها من كل مكان.

تعليق عبر الفيس بوك