احترم.. تُحترم

 

سالم البادي (أبو معن)

 

الاحترام قيمة وصفة حميدة يُعبر عنها اتجاه كل شيء حولنا. وهو طبع متأصل مع الإنسان جنباً إلى جنب مع تربيته..لذلك يعتبر نوعاً من الأخلاق وفناً من فنون الأدب، من حاز عليه حاز على الدنيا وما فيها، والاحترام منهج وجزء أساسي في حياتنا اليومية..

ومجتمعنا العماني ليس ببعيد عن تلك القيمة وذلك الفن الراقي، فقد ساد الاحترام مجتمعنا منذ الأزل.. وهذا ما نادى به ديننا الإسلامي الحنيف فكان الاحترام مبدأ راسخاً ثابتاً في مجتمعنا العماني الأصيل، والتصق به في حياة كل فرد ليُشكل المكانة الأعلى والأسمى ويلقى صاحبها محبةَ في قلوب النَّاس.

واحترام الفرد لنفسه يشكل إطاراً لأعماقه وقناعة بأمور عدة.. ومنها..عدم انتقاصك لذاتك وتقديرها تقديراً يليق بها.. وأن تكون صاحب إصغاء أكثر من البوح بالكلام فكثرة الكلام تجلب الأخطاء.. وكذلك أن تكون محتفظاً ببعض خصوصيتك فتعريتك أمام الآخرين انتقاص لقيمة ذاتك لدى الآخرين...والقناعة الذاتية بأن الاحترام لن ينقص منك شيئاً بل يعني لك الكثير.

إنَّ احترام وتقدير الذات عامل مهم حيث ينعكس ذلك في جميع المعاملات والتفاعلات المجتمعية في كافة نواحي الحياة.

احترام الآخرين فالابتسامة التي تعكسها على الطرف الآخر وتكون سببا في إدخال السرور بقلبه تجعلك صانعاً للسعادة، وحُسن اختيار المفردات في الحديث واللين في الكلام حيث البساطة والاتزان يجعلك مُرحباً بك في كل حين وكل مكان.

التواضع بأن تُشعر الطرف الآخر بأنك وهو في جانب واحد ومكانة متشابهة فهذا سلوك يعبر عن قوتك واحترامك لذاتك ولا يعبر عن ضعفك..والتواضع صفة محبية للخالق ومن تواضع رفعه الله وكان قدره بمكان يمتلئ محبة وقبولاً لدى الآخرين.

احترام الفكر الآخر.. وذلك بتقبلك لآراء الآخرين وعدم الإنقاص من عقولهم..وتعويد وتهذيب نفسك على أن فكرك ليس دائماً بسليم وقد يعترضه الآخرون وقبولك بذلك هو احترام لفكرك وفكر غيرك. إنَّ اعتزال صغار العقول الذين لا يحرك فيهم أي فكر والجدال معهم عقيم والصمت والاعتزال عنهم احترام بحد ذاته.. أن نحسن الظن بالآخرين وعدم السعي في محاولة لإظهار نواقصهم وتقصيرهم فهذا هو الاحترام بعينه.

 نتاج الاحترام..

الشعور بالآخرين، وهي صبغة إنسانية تحمل معها مشاعر وجوارح تجعلك في قمة احترامك لإنسانية الآخرين بالشعور بمن حولك وألا تكون الأنا مسيطرة على الفرد فتفقده إنسانيته فيفقد احترامه لذاته وللآخرين ويصبح بلا رحمة أو شفقة منزوع من المبادئ والقيم العُليا للأخلاق والأدب.

الاعتذار، والذي يأتي مع رجاحة العقل واتزانه؛ حيث إن الاعتذار حبل من حبال الاحترام ونقطه ايجابيه نحو فك اي نزاع او خصام قد يكون.

إن احترام الآخرين بفرض الاعتذار لا ينتقص من قيمة العقل ولا يسلب نبض القلب وإنما هو قوة وكمال في الفكر.

قتل العنصرية في كل نواحي الحياه بفرض الاحترام فيصبح الجميع على خط واحد ومستوى واحد لا فضل لأحد على آخر، فجميعنا سواء وهكذا ارادنا الله ورسوله الحبيب.

ففي ديننا الاسلامي الحنيف قد منَّ الله علينا بنبي الرحمه ورسول البشريه حبيبنا المصطفى محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم. فبرسولنا تضرب اروع الأمثلة واجلها في الاحترام، فلما سُئلت السيدة عائشه رضي الله عنها عن خلقه، فقالت كان خلقه القرآن عليه افضل الصلاة والسلام، فديننا الإسلام القائم على الاحترام هو أسمى وأعظم دين سماوي.

ولا ترتقي الامم الا بغرس القيم والمبادئ السامية والتي تتعاقب على خطاها الاجيال جيلاً بعد جيل حيث الصفات الحميده والسمات الساميه والاحترام والتقدير،فهذا أعظم إرث حقيقي يكتنزه المجتمع ويكون سببا في تطور شعوبها وتقدمها بين سائر الامم.

فالاحترام لوحة فنيه يبدع فيها الأفراد ليتقدموا بمجتمعاتهم نحو عطاء لا ينعدم، وبالاحترام نرتقي وبدونه يكون السقوط، فهو أساس لكل الاتجاهات وسيدا لجميع العلاقات الإنسانية.