أحلام مواطن على رأس السنة

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

 

(1)

عامٌ يأتي، عامٌ يرحل، ونحن بين الحضور والغياب نضع حقائب الأحلام، ونُعلّق آمالنا البسيطة على "رأس العام"، نُحاول أن نصنع لأنفسنا عالمًا من الخيال الذي قد يتحقق، أو نجمّل الواقع، لعل الحياة تكون أفضل ولو من وراء حجاب.

(2)

أحلم كمواطن بسيط- أن تكون السنة القادمة أكثر حناناً من سابقتها، وأن أرى بلادي وقد تطورت فكرًا ومعرفة وعلمًا وواقعًا، وأن أرى أحفاد أحمد بن ماجد، والفراهيدي، وأبناء الإمبراطورية العمانية العظيمة التي حكمت وتحكمت في جزء مهم من العالم، وقد استعادوا مراتبهم العالية التي توارثوها منذ زمن الأجداد العظام، وورّثوها لأحفادهم، وبها سادوا، وبهم كتبنا التاريخ، وبهم نقرؤه، وأن يكون هؤلاء الأحفاد الذين تكالبت عليهم الأيام  أكثر عددا، وعتادا، وثراء، وقوة، وبأسا، ولباسا، وأعظم شأناً كما كان أجدادهم الأوائل، وأن يتحقق ولو جزء من "نبوءة التاريخ".

(3)

أحلم أن لا أجد مواطنًا عمانيًا يستلم راتبا كـ"ضمان اجتماعي" لا يتعدى 80 ريالًا، ويقتات باقي الشهر على موائد المُحسنين، والجمعيات الخيرية، وأن أرى العماني وقد أخذ مكانه، ومكانته في بلد يعج بالثروات، لكن الفقر متمكن من بعض أفراده، وأن يكون المواطن رئيسًا لا مرؤوسًا في شركة يُديرها الوافد، ويعتاش منها، بينما يظل ابن البلد غريبًا في بلده، مُطارَدًا من البنوك، والمدينين، مثقلًا بالهموم والقروض، مطاطئ الرأس أمام أبنائه وهو يُساق أمامهم  بأمر المحكمة إلى السجن؛ لأنه تعثر في سداد القرض، أو لأنه سُرّح من عمله، فبات عالة على وطنه.

(4)

أحلم أن أصحو وقد تبخّرت الضرائب التي ضربت أعماق المواطن، وتناهشت لحمه وعظمه، وأن تكون الخدمات التي يُقدمها الوطن لأبنائه حقًا من حقوقه، لا منّةً منه، وجزءًا من دَينه عليه، فالوطن يُعمِّره مواطنوه، وهم من يحق لهم التمتع بخيراته، وهم من يعطونه هيبته، وكرامته، وقيمته، وهم من يبنون ويكدحون ويزرعون، لذا من حقهم كمواطنين أن يؤول لهم حصاد أرضهم، لا أن تذهب الثروات إلى من لا يستحق، ويذهب الفتات إلى من تعب وكدح وروى الأرض من جبينه، ثم وجد نفسه وقد ذهب الحرث والزرع إلى غيره.

(5)

أحلم كمُواطن في العام الجديد أن أقرأ وأشاهد في الصحف ووسائل الإعلام اسم كل مسؤول خان الأمانة، وأساء الولاية، واختلس، أو سرق، أو تلاعب، أو تواطأ، أو أهمل في واجبات وطنه؛ ليكون عبرة لمن يعتبر، وأن يُشهَّر بكل مسؤول أساء لهذا الوطن، وعمل على تشويه صورته، وأن يكون ذاك الوزير أو ذاك الوكيل أو ذاك المسؤول قدوة في الوطنية، لا نموذجًا للإفلات من العقاب.

(6)

أحلم كمواطن بسيط أن أرى المجالس البرلمانية وقد لعبت دورها، واستطاعت أن تتحرر من قيود التهميش، وأن تُراقِب وتُحاسِب، وتستدعي الوزير بقوة القانون، وتُسائِله، وأن أقرأ صحفًا تضع يدها على الجرح، لا أن تومئ له من بعيد، وأن أشاهد إعلامًا لا يجمّل الواقع، ولا يهوّن من فظاعة العمل، وأن يعمل الجميع بروح واحدة لرفعة الوطن، والارتقاء به، ليكون فردوسًا نعيش فيه، دون أن نشعر بالغربة على ترابه.

(7)

نحلم.. وتبقى الأحلام مشروعة، ومشرَّعة على نوافذ الأمل، نحلم، لعل القادم أجمل، ولعل الآمال تصبح واقعًا نلمسه، ونعيشه، لا مجرد سراب نلهث خلفه.

وكل عام، والوطن شامخ، وعظيم بقيادته، وأبنائه.