"حار بارد رياضتنا"

 

أحمد السلماني

زمان، ما كانت معنا ثلاجات- كما هو الحال الآن- في الصيف خلال موسم جني اللومي (الليمون)؛ حيث كان يأمرنا الشيّاب بإعداد شراب "ليمون حار بارد"، المياه من الجحلة أو الخرس (وهو بارد) وتُعصر له كما حبة لومي وكان عافية على الجميع بعد نهار طويل وشاق وحار يسري على عروقك هذا المشروب ويريح جسمك ويهدئ من أعصابك، لكن تستغرب من المسمى "حار بارد" كيف ما تعرف؟ هكذا أيضًا رياضتنا، حارة في مناقشات وحوارات الوسط الرياضي وباردة في إنجازاتها!

الحار: مخّلد يا مخلد.. لن أتطرق لتفاصيل الحادثة لأنها أُشبعت حديثًا ونقاشًا، الثابت اليوم أن الشاب "راح من كيس أهله" وأننا نحتاج للصدمات لنستفيق، وأن مؤسساتنا الرياضية تعمل بنظام ردّات الفعل؛ حيث لا مكان للمسؤولية والعمل المُتقن الذي وصّانا به ديننا الحنيف، هل كان رحيل مخلد هو الثمن المؤلم لكي نستفيق وندرك القصور الهائل في دورة عمل رياضتنا. أعتقد جازمًا أن فتح ملف دوري للمحترفين مجددًا بات ضروريًا لنضمن منظومة كروية محترفة في كل شيء، الإداري، الفني والرياضي، ستظل خالدًا في قلوبنا يامخلد، فقد أيقظتنا من غفلتنا!

طيب، وماذا عن أولئك الذين يمارسون الرياضة في الحواري والفرق الأهلية والشواطئ والصالات الرياضية، هل ستتواجد سيارة إسعاف في كل هذه المواقع، أعتقد الموضوع كبير ومتشعّب ويحتاج إلى دراسة شاملة وقرارات جريئة.

البارد: تحديث استراتيجية الرياضة العمانية؛ بل دعونا نقول "البناء الشامل" وليس ترميم أو تحديث، والحقيقة المُرّة أننا منذ أن أطلقنا الإستراتيجية تراجعت رياضتنا ونتائجها بشكل مريع لأننا لم نمتلك الإرادة ولا الرغبة من الإدارات والقيادات للتغيير، كنا ولا زلنا نحارب الناجح حتى "ندجّنه". والإستراتيجية الجديدة لمسنا فيها نوايا حسنة وجادة للتغيير، لكنها تحتاج إلى قرار سياسي على أعلى مستوى لضمان مشاركة وتعاون كل الجهات ذات العلاقة؛ لنجني ثمار أهداف المحاور التي قامت عليها، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب كانت غاية في الذكاء؛ حيث أشركت الجميع في الصياغة وسترمي الكرة في ملعب الحكومة وبقية المؤسسات الرسمية والأهلية وتبرئ ذمتها، فإما أن تكون واقعًا في ملعب رياضتنا أو مجرد حبر على ورق.

حار: مسابقات الفئات السنية لكرة القدم.. غريبٌ أمر الاتحاد العُماني لكرة القدم، أطلق مسابقات الفئات السنية وانتهى الدور الأول وستنتهي الدوريات وحتى اليوم لم يسمْ مدربيْ منتخبي الناشئين والشباب، فمن أين سيتم اختيار قوائم المنتخبين؟!، أم إننا سنعود لزمن "فلان يوصيكم تاخذوا اللاعب الفلاني"، بمعنى وجود "قوائم جاهزة" والنتيجة خروج مُذل من تصفيات القارة ومنتخب أول يبنى من خلال معسكرات طويلة!

بارد: الفرق الأهلية.. حدثني صديق قديم التقيته بعد فراق سنوات عن التفرّد العجيب في رياضتنا من حيث انتشار الفرق الأهلية في ربوع عُمان وتفاعلها وتأثيرها المجتمعي القوي، وهو ما لا يتوافر في دول أخرى بالمنطقة، وقد حظيت هذه الفرق باهتمام كبير وغير مسبوق من الوزارة أتمنى أن لا يخفت، ولأنها تتماهى وتوجهات وأهداف الوزارة فأتمنى أن يتم الالتفات إلى تلك الفرق المتأثرة من أضرار شاهين، فهناك ملاعب ومنشآت متعوب عليها وبجهود ذاتية ورسمية كانت تخدم شريحة واسعة من الرياضيين وأصبحت أثرًا بعد عين.

حار: قناة رياضية.. لن تتطور رياضتنا ما لم يتم تمكين الإعلام الرياضي وتطويره، إعلام يتجاوز وظيفة العلاقات العامة وإعلام المقاولات، فما الذي يمنع  المستثمرين من إطلاق قناة رياضية تُعنى بنقل الأحداث الرياضية المتنوعة لكل الرياضات؟ وتعتمد التسويق ركنًا أساسيًا للمنافسة بين كبريات القنوات الرياضية العربية. لدينا قناة رياضية تلفزيونية واحدة بالكاد تنقل الأحداث المهمة، وهناك رياضات مظلومة في دورة برامجها، ألم يأن لها استقطاب شخصية أو شركة تسويق لضمان مداخيل وأموال ترتقي ببرامجها وإمكانياتها في النقل التلفزيوني؟!