ورحل مخلد.. فهل من معتبر؟!

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

فُجِعَ الشارع العُماني والوسط الرياضي تحديدًا بخبر وفاة لاعب نادي مسقط الشاب مخلد الرقادي أثناء عملية الإحماء قبيل مباراة نادي مسقط ضد السويق في مسابقة الدوري العماني الذي ما زال الظاهر عنه أنه يبحث عن هوية لقب دوري للمحترفين وسوف يتبين لكم عبر طيات المقال سبب قولي لهذه العبارة!!

بداية نتقدم لذوي اللاعب بخالص التعازي والمُواساة ونسأل الله أن يسكنه فسيح جناته ورغم أنني بعيد عن الكتابة في الشأن الرياضي إلا أن الحادثة الأخيرة حفزت قلمي على الكتابة وما صاحبها من ملابسات وبعيدًا عن الجانب الإنساني والأخلاقي في الجدل الذي أثير لعدم تأجيل المباراة واحترام شعور أهل الفقيد وزملائه في النادي؛ فالوفاة يمكن أن تحصل في كل الملاعب الرياضية حتى العالمية منها والمحترفة في مجالها، ولكن مع الأخذ بالأسباب مثل توفر الفرق الطبية المتخصصة وسيارات الإسعاف بكامل عدتها وقبل ذلك التشديد على فحوصات اللاعبين لتيقن من خلوهم من أي عائق مرضي قد يعيق ممارستهم الرياضة وخصوصًا كرة القدم التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا.

وهذه الحادثة تقودنا إلى مدى جاهزية ملاعبنا لمثل كهذا أحداث قد تحدث فجأة دون سابق إنذار والغريبة كيف لمنظمي المباراة ومعهم طاقم التحكيم أن يسمحوا ببدء المباراة في ظل عدم اكتمال جاهزية الفرق الطبية المصاحبة بكامل عدتها؟! وهذا ما يتعارض مع لوائح وقوانين الاتحاد الدولي "الفيفا".

وشهد شاهد من أهلها عندما صرح أحد المتواجدين في قلب الحدث من ضمن الكادر الطبي لأحد الفريقين بأن السبب الرئيس للحادثة هو عدم توفر الأدوات الطبية اللازمة في مرحلة الإنعاش الأولى عند وقوع اللاعب فلم  يتوفر حينها جهاز الأكسجين رغم عمل الإجراءات اللازمة وقتها لإسراع عملية الإنعاش، والسؤال المطروح هنا أين هو التنظيم والاستعداد من قبل المنظمين لمثل هكذا حالات؟ ولماذا لم تتوافر سيارة إسعاف قبل موعد وصول الجميع؟! درءًا لأي حادثة قد تقع بشكل مفاجئ.

وتشير الدراسات الطبية إلى أن الموت المفاجئ لدى الشباب وخاصة الرياضيين يعتبر من المشاكل الطبية المهمة على مستوى العالم حيث يعتبر ثاني سبب للوفاة بعد الحوادث. وللأسف هنالك سوء فهم لهذه المشكلة الصحية ويعتبر طبياً أن اعتلال عضلة القلب التضخمي (HCM) السبب الأساسي لتوقف القلب لدى الشباب وخاصة الرياضيين؛ حيث تتضخم عضلة القلب بشكل غير طبيعي. وتختلف الإحصائيات العالمية حيث توضح الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أن هذه المشكلة المرضية تسبب 36% من الوفيات الناتجة عن مشاكل في القلب.

والمسببات الأخرى تتفاوت نسبة حدوثها ولكن بشكل عام تعتبر العيوب الخلقية في الشرايين واعتلال عضلة القلب اليمنى والتهاب عضلة القلب واعتلال كهرباء القلب أسباباً أساسية للموت المفاجئ في سن البلوغ والشباب.

هذا يقودنا إلى أهمية الفحوصات الطبية ومعرفة سجل اللاعب طبياً قبل الانضمام إلى الأندية الرياضية وأيضا عند ظهور أعراض غير طبيعية.

وتتفاوت هنا تجارب الدول في مجال فحص الشباب وخصوصا الرياضيين منهم  حيث تعتبر ايطاليا من أفضل الدول في هذا المجال وذلك من خلال إجراء الفحص الإكلينيكي وتخطيط للقلب بينما تقوم الولايات المتحدة بإجراء فحص إكلينيكي والجواب على عدد من الأسئلة لتحديد إذا ما كان هنالك خطورة تستدعي القيام بفحوصات أخرى وبلا شك أن طرق الوقاية والتقليل من حوادث الوفاة تكمن في الكشف المبكر عن الحالات.

وفاجعة وفاة اللاعب الخلوق المرحوم مخلد فتحت الأعين لتبني التوصيات الطبية والقيام بالفحوصات الضرورية وتزويد كل الأندية والمرافق الرياضية بوسائل الإنعاش القلبي الضرورية مثل جهاز AED وتدريب الشباب على أساسيات الإنعاش القلبي الرئوي.

الغريب في الأمر أنَّه حتى كتابة هذه السطور وبعد مرور ستة أيام على الحادثة لم تصدر ردة فعل من قبل الاتحاد العماني لكرة القدم عبر بيان يوضح المسألة وما سوف يتخذه من إجراء فحادثة مثل هذه لا يجب أن تمر مرور الكرام أو اعتبارها كأن شيء لم يكن حتى من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب بصفتها المشرفة على المجمعات الرياضية التي تقام عليها المباريات والاتحاد العماني لكرة القدم بما أنه منظم مسابقة الدوري والأمر نفسه ينطبق على الاتحادات الرياضية للألعاب الأخرى في التعلم من الدروس المستفادة وإن كان مضمونها مأساوياً والحرص على متابعة مدى توفر الفرق الطبية المتخصصة في جميع المباريات والفعاليات والمناشط التي يشرف عليها الاتحاد والحرص على أن الصحة والسلامة من أهم المعايير الواجب توفرها خصوصا للرياضيين.