منتخبنا ثروة وطنية

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

منتخبنا الوطني لكرة القدم اليوم خير من يُمثل عُمان بطموحها وحيويتها وروحها الوثابة في المحافل الإقليمية والدولية بعد أن عجزنا طيلة خمسة عقود عن تسويق سلطنتنا الحبيبة في أي قطاع من قطاعات التنمية وبقينا أسرى للماضي السحيق نلوك أمجاداً حققها أسلافنا دون أن نتمكن من البناء عليها أو محاكاتها أو تقليدها بما يُشبه عُمان الحضارة والتاريخ والممكنات والقدرات المُتفردة.

حين أتابع منتخبنا الوطني لكرة القدم اليوم ومنجزاته المفعمة بالروح القتالية وشغف الفوز والنصر والتميز أعود بذاكرتي إلى زمن "الفولكلور الكروي العُماني" والذي كان فيه منتخبنا مجرد رقم في المشاركات واستراحة للفرق ويقبع في ذيل القائمة بامتياز!!، وتعود بي ذاكرتي إلى العبارة المُحزنة التي قالها المدير الفني لمنتخبنا الألماني هيدرجوت في مطلع التسعينات حيث وصف المنتخب العُماني وشخَّص حالته وعلاجها بالقول: إن منتخبكم يحتاج إلى طبيب نفسي وليس مديرًا فنيًا!!، وهذه العبارة حملت أصدق توصيف وتحليل لحالة منتخب يعاني من الإهمال وغياب الدعم والتأهيل الصحيح وبالنتيجة التقزم أمام نظرائه من المنتخبات الخليجية والعربية والعالمية؛ حيث يتلبس المنتخب العُماني وأفراده مشاعر الهزيمة قبل أي مباراة يخوضونها ويعتبرون وجودهم مجرد رقم في أي بطولة لا أكثر.

منتخبنا الوطني اليوم وبعد فوزه المستحق ببطولة خليجي (19) بمسقط عام 2008م أنطلق نحو النجومية وأصبح رقمًا صعبًا ومحط أنظار المنتخبات الأخرى، وتخاطفت الأندية الخليجية والعالمية نجومنا وأصبحوا أمثلة وقدوات لشبابنا وبراعمنا وهي نقطة في غاية الأهمية للبناء عليها.

الرياضة في مفهوم دول العالم ليست وسيلة ترفيه وترويح عن النفس؛ بل أداة تعبير عن حيوية الشعوب ونشاطها، ووسيلة ناجحة ومريحة لتسويق الدولة والشعب في المحافل الدولية في زمن يصنع فيه الإعلام الوعي والمكانة والحضور ويتعدى الأمر ذلك إلى اعتبار الرياضة مدخلًا مهما وفاعلًا لتسويق استراتيجيات مهمة للدولة مثل الترويج للسياحة واستقطاب الاستثمار وتحسين الأداء الاقتصادي؛ بل ولجعل الرياضة مصدر دخل للدولة عبر تسويق سياحة الفعاليات الرياضة واستضافتها بشكل منتظم، شريطة وجود البنية التحتية الرياضية في البلد من منشآت وعناصر وثقافة وفلسفة.

فليس سرًا أن دولا مثل البرازيل والأرجنتين- كمثال- عرفها العالم عبر كرة القدم قبل أن يعرف عنها أي شيء آخر، ويُمثل دخل لاعبيها من الاحتراف وأسعارهم عالميًا رافدًا مهما لاقتصادات تلك البلدان، كما إن دول الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفييتي في زمن الحرب الباردة واجهت الحملات الرأسمالية الغربية الشرسة المشوهة لها والمضللة عنها عبر الارتقاء بالرياضة وحصد البطولات والميداليات في الدورات الأولمبية والبطولات العالمية المختلفة، الأمر الذي دحض تسويق الرأسمالية الغربية عبر آلتها الإعلامية الضخمة لتلك البلاد وسعيها لوصمها في اللاشعور بالتخلف وغياب التخطيط والعناية بالإنسان؛ حيث كانت الرياضة أبلغ وأجلى رد وحملة مضادة صامتة لدحض تلك الحملات المضللة.

منتخبنا الوطني لكرة القدم اليوم حقق لنا البطولات التي نفتقدها والصيت الذي نحتاجه والمكانة التي نستحقها ونفخر بها وحري بنا الحفاظ عليه وضخ المزيد والمزيد من الدعم والرعاية والتكريم لهذا القطاع ومنتسبيه وبسط ذلك على القطاعات الرياضية والثقافية والفنية لاحقًا لنستعيد الثقة بقدراتنا ومقدراتنا ومن خلالهما مكانتنا اللائقة بين الأمم.

قبل اللقاء.. كنت- وما زلت- أتمنى توفير الدعم السخي، المادي والمعنوي لمنتخبنا الوطني لكرة القدم للوصول- وبأي ثمن- إلى نهائيات كأس العالم القادمة بدولة قطر الشقيقة ليتردد اسم عُماننا الحبيبة في أصقاع العالم وعلى أسماع وتحت أنظار المليارات من البشر لشهر كامل، ثم في جنبات تاريخ وسجلات هذا المحفل الرياضي الاستثنائي والذي تسعى الدول الطامحة لتسويق نفسها وخططها للعالم من خلاله لتحصد الشهرة والمكانة والصيت وبما يعود عليها على كافة الصُعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لاحقًا.

وبالشكر تدوم النعم..