علي أبواب الانتخابات الليبية.. كم "داعشي" بقي هناك؟

 

د. رفعت سيد أحمد

 

قراءة في خريطة الإرهابيين وتأمل في حاجة ليبيا إلى الوحدة واليقظة

 

يستحق الشعب الليبي العظيم أن تستقر بلاده وأن ينعم أهلها بالأمن والأمان وأن ينعموا بثروات وخيرات بلادهم بعيدا عن الطامعين من المعتدين الخارجين من دول وأجهزة مخابرات وجماعات إخوانية وداعشية مجرمة تعمل بالوكالة وبالأجر.

ولعل في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة في 24/12/2021 أي بعد أسبوعين فقط..فرصة لتحقيق تلك الأهداف التي يستحقها شعب ليبيا العروبي الأصيل بعد طول معاناة مع الفتن والإرهاب المتأسلم، ولعل في الدور المهم والتاريخي الذي يقوم به منذ سنوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مواجهة تلك الجماعات الإرهابية ومن يقف خلفها من قوى إقليمية ودولية؛ ما يجعل الشعب الليبي مطمئناً ويدفعه إلى الإقبال على تجربة الانتخابات بروح جديدة تؤدي لاختيارات صحيحة تحمي ليبيا من التفتت والاقتتال الداخلي الذي يُمثل عقيدة ثابتة لدى الأخوان والدواعش وإن ادعوا أنَّهم تركوا العنف والإرهاب وهو ادعاء كاذب ومجرد حيلة لدخول الانتخابات ثم العودة مجدداً إلى الإرهاب المسلح تمامًا كما جرى في مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 وتولى الرئيس السيسي قيادة البلاد وواجه بشجاعة مخططات الإرهاب الداعشي والإخواني الذي ظلت وستظل عقيدته الثابتة (إما أن نحكمكم وفق مصالحنا أو نقتلكم).

لأن في ليبيا ومع اقتراب الانتخابات تكرر تنظيمات الإرهاب الداعشي والإخواني نفس المقولات وبذات الصياغات القديمة وإن ادعوا غير ذلك.

في هذا السياق دعونا نتأمل واقع تلك الجماعات الإرهابية وخريطة انتشارها في ليبيا والمخاطر التي تمثلها على العملية الانتخابية. بداية تحدثنا الوثائق والتقارير القادمة من الأمم المتحدة أن في ليبيا اليوم حوالي 1600 تشكيل عسكري، يملكون ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة.

وكشف بحث أعده الباحث هارون زيلين، بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عن عدد المقاتلين الأجانب في ليبيا، يقدر بنحو 2600 إلى 3500 مقاتل، وصلوا إليها عن طريق الصحراء بين عامي 2011 و2018، من أكثر من 41 دولة أما عدد الدواعش الليبيين الظاهرين أو الخلايا النائمة فيصل إلى قرابة الثلاثين ألفًا، وأيضا تؤكد الدراسات الليبية المتخصصة أن الخطر الحقيقي القادم على مصر من ليبيا يأتي من التيارات التكفيرية بقيادة تنظيم ما يُسمى (بفجر ليبيا) وهو الذراع السياسي والمسلح للإخوان المسلمين في ليبيا ولقد بايعت بعض قياداته (داعش)، وهذه الجماعة(فجر ليبيا) كانت تُسيطر على طرابلس ومؤسساتها وسواحلها حيث تم ذبح الأقباط المصريين (15/2/2015)، وتحدثنا الحقائق أنَّ تلك الجماعات المجرمة كانت وثيقة الصلة بجماعة الإخوان في مصر وقدموا لهم تسهيلات عسكرية واقتصادية عديدة إبان فترة حكمهم مصر (2012-2013) وأنشئوا ما سمي بجيش مصر الحُر من عناصر إخوانية وسلفية حوالي (1500 عنصر) هربت بعد 30/6/2013 وتدربت في سبعة مُعسكرات بالقرب من الحدود مع ليبيا وجاء المشير خليفة حفتر والجيش الوطني الليبي وقضي عليها في سلسلة من الأعمال البطولية والشجاعة التي تحسب له. ولكي لا ننسى وحتى تظل ذاكرة الليبيين الذاهبين لانتخابات 24 /12 /2021 يقظة وحاضرة نعيد الإشارة إلى أنَّ أبرزها تلك المعسكرات كان في (مصراتة، معسكر صحراء زمزم وخليج البوردة والموجود على بعد 60 كم من مرسى مطروح – معسكر سبراته – معسكر الزنتان – معسكر الجبل الأخضر – معسكر مدينة الزاوية – معسكر مدينة درنة) وهذه المعسكرات كان يقودها المدعو شريف الرضواني الذي سبق وقاتل في سوريا (وهنا الرابط الخطير بين الذي جرى في سوريا من تآمر وعدوان على الدولة الحاضنة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، والذي جرى الآن في مصر، وأهمية المقاومة المشتركة له بدون تردد!) هذه المعسكرات تم فيها تدريب عناصر ما يسمى بالجيش المصري الحُر بإشراف إخوان ودواعش ليبيا الذين يدعي بعضهم الآن أنهم نبذوا العنف وهو ادعاء غير صحيح تمامًا !! إن تنظيم داعش على سبيل المثال دخل الأراضي الليبية في نهاية عام 2014، مُستغلاً غياب السلطة واستطاع أن ينشأ تمركزات له في البلاد، وسيطر في فترات على مدينة النوفلية ومدينة سرت ومدينة درنة وغيرها، لكنه خسر أغلبها بعد مواجهات حاسمة لصالح الجيش الوطني الليبي.

ومن بين التنظيمات الإرهابية أيضًا والتي تريد تعويق الانتخابات، ما يسمى بكتيبة ثوار طرابلس، وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها، وقوة الردع، وهي قوات سلفية متشددة تتمركز في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة، وكتيبة أبو سليم، وتسيطر على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة، وكتيبة النواسي، وتسيطر على القاعدة البحرية في شرق العاصمة.

هناك أيضاً جماعات أنصار الشريعة وفصائل الزنتان وتلك الجماعات كانت تسيطر على رقعة واسعة من طرابلس، لكنها انكفأت بعد طردها في 2014، -بفضل الجيش الوطني الليبي- إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة.

ومن بين من يرفض الانتخابات أيضاً هناك جماعات متحركة في الصحراء تضم فصائل أفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبوركينافاسو وموريتانيا، وتنتشر في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي، وخصوصاً في منطقة فزان التي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية إرهابية تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء، إن هذه الخريطة من الجماعات التكفيرية والمسلحة والتي حولت ليبيا إلى (بقايا دولة) تمثل خطراً استراتيجياً على الأمن القومي المصري والعربي بإجمال والأمن القومي الليبي بخاصة.

ومن هنا تأتي أهمية الانتخابات القادمة لاختيار برلمان ورئيس يوحد ولا يُفرق، يبني ولا يهدم وتلك مهمة الشعب الليبي العظيم الذي يستحق الخير والاستقرار بعد طول مُعاناة من الإرهاب الإخواني والداعشي الذي هبَّ على المنطقة باسم ثورات الربيع العربي وماهي بثورات ولا بربيع ما هي إلا توحش داعشي موظف لصالح قوى ومخططات خارج حدود الوطن والدين.

والله أعلم.