توظيف العمانيين.. التحديات والحلول (2)

 

هلال بن حمد النعماني

إنَّ مظاهر سيطرة غير العُمانيين على قطاعات بعينها في اقتصادنا الوطني، مُشاهَدة ومُعاشة، وهي تمس عددًا كبيرًا من جوانب الحياة، ولقد ذكرنا بعض جوانبها بشيء من التفصيل في الجزء الأول من هذا المقال، ولن نستطرد في ذلك كثيرًا، وإنما سنتطرق إلى بعض الحلول لحلحلة مشكلة الباحثين عن عمل، فالحلول هي الأهم إذ إنَّ المشكلة حاضرة وأصبحت مُزمنة تؤرق كل مواطن، وهذه الحلول تتماس مع الواقع وقابلة للتطبيق.

أولًا: تعريب القطاع الخاص

اللغة العربية هي إحدى اللغات الست المُعترف بها في الأمم المُتحدة، وهي لغة القرآن الكريم الخالد، وقد تكفل ربنا جلَّ جلاله بحفظه: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحجر:9)، وهي لغة خالدة بخلود القرآن الكريم، ولها من الثراء والتنوع اللغوي الشيء الكثير، إلا أنَّ هذه اللغة تعاني من التهميش والإهمال في قطاع الأعمال، وهذا أدى إلى تهميش المتحدثين بهذه اللغة أو الذين لا يجيدون التحدث بغيرها في بلد عربي عريق بعروبته ومعقل من معاقل اللغة العربية ومنبع للعديد من علمائها. واللامبالاة والتجاهل الذي تتعرض له اللغة العربية في القطاع الخاص انعكست سلبًا على أبناء الوطن؛ فالوظائف في هذا القطاع مما يشترط لشغلها إجادة اللغة الإنجليزية، إضافة لخبرة عدد من السنوات، وهذه الشروط غير متيسرة للكثير من شبابنا، في حين أنَّ الوافد الآسيوي بمجرد إلمامه بشيء من اللغة الإنجليزية- وإن كانت قدرته فيها ضعيفة ومتكسرة- فإنِّه سيتم تعيينه، وسيتم تدريبه داخل البلاد وقد يقوم بتدريبه عُمانيٌ، حتى الشركات الحكومية جعلت من اللغة الإنجليزية لغة تعامل فيها ومن الأجنبي موظفًا فاعلًا.

ما دامت اللغة العربية هي لغة أهل البلد وهي اللغة الرسمية فيه، فمن غير المقبول أن يتعامل قطاع عريض بلغة غير العربية، ثم يقوم بجلب أجانب من خارج البلد لأنهم يجيدون اللغة الإنجليزية التي يتعامل بها القطاع الخاص، وهذا القطاع في معظمه ليس بحاجة إلى اللغة الإنجليزية إلا في نطاق ضيق وفي بعض الأعمال التي يمكن استثنائها كالبنوك مثلاً. لذلك على الحكومة دراسة تعريب القطاع الخاص ووضع خطة زمنية مُحكمة لإحلال اللغة العربية، وإن تمَّت عملية التعريب ستكون عاملاً حاسماً وفعالاً لإحلال الكوادر الوطنية في القطاع الخاص كما إنها ستكون عقبة أمام الوافدين للاستمرار في هذا القطاع.

ثانيًا: تعمين التجارة

تُعد التجارة إحدى المقومات الأساسية لأي بلد؛ فهي بمثابة الدم الذي يتدفق في شرايين وأوردة الوطن حاملًا معه أسباب استمرارية وجوده وبقائه حيًّا وحيويًا ومنتعشاً ومزدهرًا. لقد شهدت السنوات السابقة حملات ومحاولات فتية لتعمين التجارة بمنع غير العُمانيين من مزاولة بعض أنواع التجارة، وقد حققت نجاحًا طيبًا واستفاد منها الكثير من المواطنين على الرغم من العوائق التي واجهتم، إلا أن تلك الهبّة انطفأت وخفت بريقها وتلاشت تدريجيًا وعاد غير العُماني مسيطرًا على بعض مداخل ومخارج التجارة بدءًا من شركات توريد البضائع وتوزيعها إلى المراكز التجارية والمحلات الكبيرة والصغيرة والبرادات، وبقي المواطن مجرد مُستهلك، وليس له من خير التجارة الوفير، إلا الشيء اليسير وفي أضيق الحدود.

لذلك على الحكومة أن تصحح مسار التجارة ليكون المواطن ربانًا لها، والذي نقترحه في هذا الصدد ما يلي:

1-   تشجيع وتبني إنشاء الجمعيات التعاونية كشركات مساهمة عامة للمواطنين.

2-   حظر الاستثمار في التجارة على غير العمانيين وحصرها على المواطنين.

3-   منع غير العمانيين من مزاولة التجارة بكافة أشكالها وأنواعها وخاصة بيع مواد البناء وبيع المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية وبيع قطع الغيار.

4-   إلزام المراكز التجارية والمحلات التجارية الكبيرة (الهايبر ماركت) التي يمتلكها مستثمرون أجانب؛ لتكون شركات مُساهمة بطرح جزء من رأس مالها للاكتتاب العام للمواطنين.

5-   فتح قنوات التمويل للمواطنين لمُمارسة التجارة.

6-   وضع برامج تدريبية عملية للمواطنين لاكتساب الخبرة في مجالات التجارة المختلفة.

7-   تدريس مفاهيم ومهارات التجارة في التعليم العام بوضع مناهج مُبسطة للطلبة.

8-   محاربة جدية للتجارة المستترة، ومنع الاحتكار التجاري.

وفي الحلقات المقبلة من هذه السلسلة من المقالات، سنستكمل الحلول الأخرى التي نقترحها لتوظيف العمانيين.