إطلاق المجلدات الـ17 الأولى من "المعجم التاريخي للغة العربية"

في إنجاز ثقافي عربي.. إعلان معرض الشارقة الدولي للكتاب "أكبر معرض للكتاب في العالم"

 

◄ ورش ومناشط وجلسات متنوعة تثري فعاليات المعرض الدولي

 

الشارقة- مدرين المكتومية

 

سطّر معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ40 تاريخًا جديدًا للثقافة العربية عامة- والإماراتية خاصة- وسوق صناعة المعرفة والكتاب، بعد تصدره للمرة الأولى منذ انطلاقه قبل أربعة عقود، معارض الكتب العالمية كافة، وإعلانه "المعرض الأكبر في العالم" على مستوى بيع وشراء حقوق النشر للعام 2021، متفوقًا على معارض كتب دولية يزيد عمرها عن مئات الأعوام.

وحقق المعرض- الذي يقام هذا العام تحت شعار "هنا.. لك كتاب" إنجازا في مجال صناعة الكتاب والنشر في المنطقة العربية وقارتي آسيا وإفريقيا كاملتين؛ كونه المعرض الأول الذي يصل لهذه المرتبة عالميًا من بين القارتين الآسيوية والأفريقية. ويأتي هذا الإنجاز استنادًا إلى قاعدة بيع وشراء الحقوق والمشاركة العالمية من الناشرين والوكلاء ضمن البرنامج المهني للمعرض "مؤتمر الناشرين"؛ حيث شارك في المؤتمر الذي سبق انطلاق الدورة الأربعين 546 ناشرًا ووكيلا أدبيًا من 83 دولة حضروا جميعهم إلى إمارة الشارقة.

 

 

التبادل المعرفي

وتأتي أهمية البرامج المهنية لمعارض الكتب العالمية في الاستناد إليها في التصنيف بكونها المحرك الأساسي للتبادل المعرفي بين الناشرين والمؤلفين والوكلاء الأدبيين وتشكل حجم المشاركات والعقود المتفق عليها خلال هذه البرامج حجر أساس المشاركات في المعارض ونوع وكم وتنوع المحتوى المقدم من قبل الناشرين خلال المعارض. وبهذا الإنجاز الذي يحمل هوية إماراتية وعربية وعالمية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أثبت المعرض قوته في تحقيق نقلات ملموسة في صناعة الكتاب في المنطقة والعالم باستضافته هذا العام 1632 ناشرا من 83 دولة عربية وأجنبية يعرضون 15 مليون نسخة كتاب لـ 1.3 مليون عنوان منها 110 آلاف عنوان جديد يعرض للمرة الأولى في معرض.

وقال سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "يأتي هذا الإنجاز الكبير لمعرض الشارقة الدولي للكتاب ثمرة لرؤية ودعم وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي آمن بأن المنجزات الراسخة وبناء المجتمعات والحضارات القوية لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستناد إلى قوة الكتب وأثر المعرفة فبهذا المنجز تؤكد الشارقة عمق تأثيرها في قيادة صناعة الكتاب في العالم وتجسد الصورة التي تليق بالثقافة العربية أمام العالم".

وأضاف: "يستكمل هذا الإنجاز سلسلة إنجازات وصلت لها الشارقة وحققها معرض الشارقة الدولي للكتاب فهو يأتي بعد سلسلة احتفالات كانت فيها الشارقة ضيف شرف على كبرى معارض الكتب العالمية بدءا من باريس مرورا بموسكو ومدريد ونيودلهي وصولا إلى ساو باولو كما يأتي بعد أن سجل المعرض تاريخ أكبر فعالية دولية ناجحة تقام في ظروف الجائحة العام الماضي الأمر الذي يجعل هذا المنجز تتويجا لإكمال المعرض عامه الأربعين والوصول إلى الطموحات التي وضعها منذ دورته الأولى في العام 1982".

إنجاز ثقافي حضاري

وفي إنجاز ثقافي وحضاري يشكل إضافة ثرّة يسجلها التاريخ في سيرة الأمة العربية، أطلق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، وبحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، المجلدات الـ 17 الأولى من "المعجم التاريخي للغة العربية"، وهو المشروع اللغوي الكبير الذي يرعاه صاحب السمو حاكم الشارقة، ويؤرّخُ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرنًا ماضية، وقد تم إطلاق الموقع الرسمي للمعجم، ليكون بذلك متاحاً أمام الجمهور، ويمكن من خلاله للباحثين والمهتمين تصفُّح المجلدات المنجزة والبحث عن الجذور والمداخل، بالإضافة إلى إمكانية تصفُّح المدونة وما تحويه من كتب وعناوين تم الاعتماد عليها لإعداد الأجزاء الأولى من المعجم، وأسماء المحررين والخبراء ورؤساء المجامع اللغوية العربية. وتغطي مجلدات المعجم الأولى الأحرف الخمسة الأولى: الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم؛ حيث تقدّم تاريخ المفردات في السياق الذي وردت فيه في عصر ما قبل الإسلام، على ألسنة الشعراء الجاهليين، مرورًا بالعصر الإسلامي، وتتبع اللّفظ في النص القرآني، والحديث النّبويّ الشريف، مرورًا بالشعر الأموي، فالعباسي إلى العصر الحديث، وترصد حركة الألفاظ.

ويشارك في إنجاز المعجم، الذي يشرف عليه اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة، 10 مجامع عربية، ويتولى مجمع اللغة العربية بالشارقة إدارة لجنته التنفيذية، ويستند المعجم في إنجازه على قاعدة بيانات تم جمعها وأتمتتها ووضع منهجيات وأنظمة الرجوع إليها خلال الأعوام الأربعة الماضية لتضم اليوم قرابة 20 ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخيّة خاصة باللغة العربية، منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام. ويشكل المعجم، إلى جانب أنه يبحث ويوثّق لمفردات اللغة العربية، مكتبة إلكترونية ضخمة مكوّنة من أمّهات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة تمكّن الباحثين والقرّاء بعد الانتهاء من مراحل إعداده كاملة، الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق يُعرض بعضها إلكترونياً للمرة الأولى في تاريخ المحتوى المعرفي العربي، ويختص المعجم بتوضيح عدد من المعلومات الرئيسة هي تاريخ الألفاظ العربية؛ حيث يبحث عن تاريخ الكلمة من حيث جذرها، ويبحث عن جميع الألفاظ المشتقّة منها وتقلّباتها الصوتيّة، ويقوم بتتبّع تاريخ الكلمة الواحدة ورصد المستعمل الأوّل لها منذ الجاهليّة إلى العصر الحديث مركّزا على الاستعمال الحي للغة، أي أنّه يختلف عن سائر المعاجم السابقة بأنّه يستشهد بالنصوص الحيّة قرآناً وحديثًا وشعرًا وخطبًا ورسائل وغيرها.

فعاليات ومناشط

وتتواصل فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام في مركز إكسبو الشارقة حتى 13 نوفمبر بحضور 83 كاتبا من 22 دولة وتنظيم أكثر من 1000 فعالية ثقافية بين، ندوة وجلسة حوارية وعرض مسرحي وعرض فني وورش فاتحا بذلك الأبواب أمام الكبار والصغار لمتابعة كل أشكال الإبداع والفنون والمعارف، حيث عقدت ضمن فعاليات النسخة الـ 40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب المقامة في مركز أكسبو الشارقة في يومها الثالث جلسة حوارية بعنوان "جنة التشويق" بمشاركة الروائي المصري أحمد مراد والروائي الأمريكي إيه جيه فين والتي تناولت كيفية سعي كاتب أدب التشويق والإثارة بكل جهده للاستحواذ على عقل القراء وأفكارهم ومشاعرهم من خلال أساليب عديدة تميز عمله الأدبي، كما استطاع الشاعر الكويتي فيصل العدواني حشد عشاق الشعر النبطي في المعرض ليأخذهم مساء أمس في أمسية حملت عنوان "سماء الشعر" إلى عوالمه الخاصة وشواغله العاطفية التي شكل فيها واحدة من التجارب الشعرية الجماهيرية في الخليج والمنطقة العربية.

ونقل صانع المحتوى أحمد الغندور الشهير بـ"الدحيح" لجمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب تجربته مع القراءة وعلاقته بالكتب وكيف قادته المطالعة إلى الغوص في مجالات علمية مختلفة أخذته إلى حقل تبسيط العلوم الذي حقق بفضله شهرة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤكدًا أهمية وجود الشغف ودوره في دفع الأفراد إلى الانهماك في القراءة وغيرها من أنشطة التحصيل العملي.

إلى ذلك أجمعت كاتبات وأديبات خلال ندوة حملت عنوان "المرأة والأدب" على أن مكانة المرأة في الأدب شهدت تحولات جذرية وتطورات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية واستطاعت المرأة أن تصنع لنفسها مكانا كبيرا على خارطة الأدب والكتابة بفضل الجهود المتراكمة للعديد من الأديبات اللامعات اللواتي فتحن آفاقا واسعة للمرأة وتحديدا في العالم العربي وواجهن تحديات كبيرة للوصول إلى ما وصلن إليه اليوم، شارك في الندوة الكاتبة الإماراتية أسماء الزرعوني والكاتبة السعودية بدرية البشر والكاتبة والسياسية رابينا خان من المملكة المتحدة.

وجمع معرض الشارقة الدولي للكتاب زواره من الأطفال واليافعين من مختلف الفئات العمرية في أكثر من 40 ورشة عمل تفاعلية ليأخذهم خلال هذه النسخة إلى معارف وعلوم جديدة في قالب من المتعة يقدم خلالها نموذجا تفاعليا للتعليم باللعب والترفيه.

ندوات أدبية

واستضاف المعرض ندوة أدبية شارك بها كلاً من الروائي والأكاديمي التونسي الدكتور شكري المبخوت والدكتور حسن النعمي أستاذ الأدب في جامعة الملك عبد العزيز بعنوان "علم وأدب" تحدثا خلالها حول حجم حضور العلم في النصوص الأدبية وإمكانية توظيف الأدب في خدمة العلم والفروق المعرفية والجمالية بينهما. وتحت عنوان "الكاتب والكتاب" استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب كل من الكاتبة فاطمة الهديدي والقاص محسن سليمان والكاتبة فاطمة المزروعي والشاعر والصحفي حسين درويش في جلسة حوارية تناولت العلاقة الجدلية والحتمية للإبداع بين الكاتب والكتاب وطقوس الكتابة والإنتاج الفكري والأدبي، كما شهد المعرض جلسة بعنوان "من الماضي إلى المستقبل" شاركت بها الناقدة البحرينية أنيسة إبراهيم السعدون والكاتبة والمخرجة الفرنسية إيزابيل ليماري والكاتبة الكينية إيفون أديامبوأوور.

تعليق عبر الفيس بوك