شواطئ مغلقة للاستثمار

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

تتميز السلطنة بشواطئها الخلابة التي تمتد لمسافة 3165 كيلومترا من مضيق هرمز في الشمال وحتى حدودها المتاخمة لجمهورية اليمن وتمتلك السلطنة شواطئ تعد من الأفضل في منطقة الشرق الأوسط من حيث مياهها الصافية ورمالها البيضاء الناعمة.

 ويُعد فصل الشتاء من أجمل المواسم في بلدنا عُمان لا سيما في المناطق الساحلية؛ حيث الشواطئ الخلابة ورمال البحر الصافية وطيور النورس الصادحة والأصداف البحرية المبهجة ونسيم الهواء العليل المنعش. ومحافظة مسقط تحديدا في فصل الشتاء تزداد روعة وأناقة وتعد قبلة الزائرين من عُمان وخارجها وشواطئها الجميلة من أهم وأجمل المرافق السياحية التي يقصدها الكثير من السياح.

والعديد من العوائل تحب الاستجمام على الشواطئ بتلقائية دون قيود فترى الأطفال يلعبون ويلهون تصحبهم ابتسامة أنظار ذويهم بفرحة غامرة فيما الآخرون يمارسون رياضة المشي على رمال البحر الذهبية مستمتعين بالأجواء الشتوية إلا أن من الملاحظ للعيان أن هذه الخصوصية فقدت بريقها خصوصا في شواطئ مسقط وافتقارها للأنشطة السياحية للرياضات البحرية مثل جيتسكي وركوب قوارب النزهة.

والعديد من الشواطئ والأماكن البحرية التي يقصدها الناس أصبح جلها عرضة للاستثمار من خلال إقامة منتجعات يقصدها السياح الأجانب والمقيمون أو حتى المواطنين من علية القوم وأثريائهم مما أدى لخلوها من الخصوصية بالنسبة للعوائل العمانية.

أذكر في طفولتنا كنَّا نقصد شاطئًا بديعًا في محافظة مسقط يطلق عليه شاطئ الجصة، كنَّا نذهب إليه مع العائلة للتنزه أحيانا وكشباب للعب كرة القدم والسباحة في أحيان أخرى وكان شاطئًا هادئًا للغاية تجد فيه الاستجمام كأحلى ما يكون حيث هدوء الطبيعة وصفاء الذهن وصوت الأمواج العذب فوجئنا بين لحظة وضحاها بإغلاقه بواسطة أسوار عالية وكأنها حيطان لقصر منيف تحول بعدها لمنتجع لا يقصده سواء من في رصيده مبلغ فائض من المال واتضح فيما بعد أن الاستثمار لم يطل شاطئ الجصة فقط بل تبعته شواطئ أخرى تحولت من شواطئ عامة إلى خاصة لا يدخلها إلا أصحاب السيارات الفارهة والجيوب الممتلئة والظاهر أن هناك شواطئ أخرى قادمة يتأرجح مصيرها بين الاستثمار والمنح.

ومن هنا، أصبح التخوف أن يكون هناك مزيد من الشواطئ عرضة للاستثمار منها على سبيل المثال لا الحصر شاطئ العذيبة الذي يمتاز بقربه من العمران والكثافة السكانية والذي يعتبر ملاذا ومتنفسا للعديد من الأسر كانت تقام عليه فعاليات جماهيرية أثناء مهرجان مسقط.

وإذا جئنا لأسعار هذه المنتجعات نجدها مبالغ فيها وبعيدة كل البعد عن متناول العامة وإلا لكانت الأسر تجد المقصد والخدمة والراحة في آن واحد ولكن للأسف أسعارها مرتفعة وكأن دخولها حكر على فئة معينة؟

 نحن هنا لسنا ضد الاستثمار الذي يساهم في إنعاش خزينة الدولة ولكن شريطة أن يكون استثمارا مدروسا وبحدود وبما لا يتعارض ويضر راحة المواطن البسيط والتنفيس عنه كل ما نرجوه "أن لا تحرموا المواطن من الترفيه وراحة البال فربما كان هذا هو الترياق الذي يستمد منه القوة لمُواجهة هذا العالم المادي البحت فالحياة أصبحت تزداد صعوبة وأصبح البقاء لمن يدفع".