الشباب العماني

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

الشباب رأس مال الأمم، وعدتها في كل شيء، هم عمادها الذي تعتمد عليه في البناء والتعمير، وهم غايتها التي تنشدها في التنمية والتطوير، هم مرتكز العمل والبناء، والتضحية والفداء، لا تنهض الأمم إلا بهم، ومن خلال بذلهم وعطائهم، وعملهم وإخلاصهم، ولا ترقى أمة دون الاهتمام الكامل بهم، والبذل الأكيد لهم، والسعي المُستمر لإعدادهم بما يتناسب مع طموحات وآمال المجتمع.

وعمان منذ بواكير قيام الدول فيها على الحقيقة أركانا وثوابت؛ وللشباب فيها المكانة التي يستحقون، والعناية التي تمكّنهم من القيام بواجبهم خير قيام، وأداء رسالتهم المجتمعية بما يحقق أهداف المجتمع، ويجعلهم حيث ينبغي ويجب. ومضت هذه العناية وهذا الاهتمام جيلا بعد جيل، وحقبة بعد حقبة.

ثم مع بداية النهضة في سبعينيات القرن الماضي والشباب في محل الاهتمام والعناية الكاملة للسلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه؛ الذي كان يؤكد دوما في خطاباته ولقاءاته المختلفة على ضرورة الاهتمام بالشباب وتوفير متطلباتهم، وتحقيق آمالهم وطموحاتهم، الأمر الذي سيكون له أثره عليهم من ناحية، ثم على دورهم الوطني المنشود من ناحية أخرى.

واستمر هذا الاهتمام؛ بل وزاد مع تباشير نهضة عُمان المتجددة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي يؤكد دومًا على الاهتمام الكامل بالشباب العماني، ووضعهم حيث يستحقون، والاعتماد عليهم في كثير من أمور الدولة، والاستعانة بهم في شتى المناصب خاصة القيادية منها، وهذا من منطلق الإيمان الكامل بفكرهم الوقّاد، ونظرتهم المتجددة، ورؤيتهم الواعدة للمُستقبل.

إن الاحتفال بيوم الشباب العماني مناسبة وطنية تستحق الوقوف عندها والإشادة بها، فهي مناسبة تظهر اهتمام الدولة قيادة وحكومة ومجتمعاً بالشباب ودورهم، ومن ثم فرصة يجدد من خلالها الشباب حماسهم الدائم للقيام بدورهم تجاه هذا الوطن العزيز وسلطانه المعظم وشعبه الكريم، وإبرازا لعديد الإنجازات التي حققها الشباب، خاصة في مجالات البحث العلمي والابتكار، والتقانة والمستقبل، وتنوع مصادر الدخل، وهي ركائز وطنية يعوّل على الشباب الكثير فيها من حيث تحقيق الأهداف وبلوغ الغايات، والمجتمع العماني على ثقة تامة في شبابه.

كما إن الرؤية الوطنية "عمان 2040" وضعت الشباب العماني حيث ينبغي، ففي معظم أولويات الرؤية الوطنية تجد الشباب أساس لتحقيق وبلوغ تلك الأولويات، وهم في الوقت ذاته غاية الأولويات المنشودة، ومسارها لتكون رؤية ماثلة للجميع محققة لطموحات عُمان كما أرادها مولانا جلالة السلطان. فعلى الشباب فيما يتعلق بالتعليم كأولوية وطنية التركيز على التعليم المستمر الفاعل القائم على الابتكار، المتسق مع متطلبات التنمية، الملبي لاحتياجات المجتمع، وعليه الاهتمام بعلوم المستقبل، والبحث العلمي، والعمل على تعزيز قدراته البحثية فلا سبيل دون اهتمام بالغ بالبحث العلمي فهو مرتكز تطوير المجتمع، وسبيل علاج مشكلاته بحلول ناجعة مبنية على مؤشرات تشخص الواقع، وتحدد خطط وبرامج العلاج.

يجب على الشباب العماني الاهتمام الكامل بقضايا الهوية الوطنية والاعتزاز بانتمائه لهذا الوطن الغالي، صاحب الأمجاد العظيمة، والحضارة الضاربة في عمق التاريخ، فالهوية العمانية تتطلب من الشباب العماني بذلا وجهدا من أجل الحفاظ عليها، والتمسك بها، ومعرفة تاريخنا وثقافتنا وعاداتنا وقيمنا العمانية الأصيلة. فلا مجال للتفريط بهذه الجوانب، ولا مجال للعبث فيها أو تشويه صورتها أو التخلي عنها. وشبابنا العماني حسن المنبت، طيب السيرة، نقي السريرة، غيور على وطنه، راغب في رقيه وتطوره، مستمسك بقيمه، فخور بهويته، حريص على الدفاع عنها، والذود عن حماها.

إن الاحتفال بيوم الشباب العماني فرصة مناسبة لتجديد العهد والولاء لهذا الوطن الغالي وسلطانه المعظم، ومناسبة سانحة لإبراز مظاهر الرقي والتقدم الذي يسير عليه شباب الوطن، وفرصة لإظهار ما تحقق للشباب من إنجازات وما ينتظرهم في قادم الأيام من مهام وطنية عظيمة، كما إنه مساحة كافية لتعريف المجتمع الدولي كله بما يحظون به من اهتمام، وما يقومون به من عمل وطني يستحق الإشادة والتقدير.

سيبقى الشباب العماني دومًا وأبدًا شبابًا يسعد بهم الوطن، ويفتخر بهم المجتمع، شبابا محبا للخير، محققا للأهداف، راغبا في بلوغ الغايات، ساعيا للسلام، رسل محبة ووئام، رسل خير عن عُمان للعالم بأسره، حفظكم الله تعالى شباب الوطن ودمتم حماة له بناة لمستقبله.