ما نحتاجه الآن في "رؤية عمان 2040" (1)

 

د. حمد بن سعيد الرحبي

Oman99433@gmail.com

 

بطبيعة الحال أنَّ الكل يُجمع على أهمية وجود رؤية وطنية وخطط تنفيذية لكل دولة مُتفق عليها وأن تكون طموحة وواقعية في آن واحد، وهذا ما سعت إليه السلطنة ممثلة بالحكومة بكافة أجهزتها والقطاع الخاص بكافة قطاعاته والمجتمع بكافة مؤسساته المدنية، ويعد ذلك المثلث الذهبي لنجاح أي رؤية أو خطة على أرض الواقع ومع ذلك ونحن في العام الثاني من إطلاق رؤية "عمان 2040" تبين أن هناك حاجة ماسة إلى النظر في بعض جوانب هذه الرؤية بعين الفاحص الحكيم الذي يستقرئ الأمور ويستشرف المُستقبل، وسوف نسردها تباعًا على شكل نقاط في هذا المقال:

أولًا: تكثيف التوعية الإعلامية برؤية "عُمان 2040" من خلال توسيع دائرة انتشار الوعي لدى أفراد ومؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص بالرؤية ومجالاتها وأهدافها ومؤشراتها ونتائجها المتوقعة فالملاحظ أنَّ هناك فئات من المُجتمع لاتعلم من الرؤية شيئاً إلا اسمها أو معرفة محدودة بها وعليه فإنه نقترح بعض المبادرات المبتكرة التي يمكن أن تساهم في نقل المعرفة بالرؤية بشكل أكبر من بينها:

  • إعداد وسائط وفيديوهات تعريفية مبسطة عن الرؤية تتماشى مع مختلف شرائح المجتمع (الأطفال الشباب الموظفين- المتقاعدين- رواد الأعمال- المستثمرين- المقيمين وغيرهم).
  • الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في نشر الرؤية وتحديد دور كل فرد بشكل مبسط فيها وما هي مسؤولياته المستقبلية لتحقيق الرؤية.
  • تضمين جزء مبسط عن الرؤية في مُختلف الكتب المدرسية بدءًا من الروضة إلى مرحلة التعليم بعد الأساسي.
  • تضمين بعض المقررات الإلزامية لطلاب الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة لتدريس مقرر يتعلق برؤية عُمان 2040.
  • الإعلان عن تفاصيل الرؤية وليس فقط المسمى في الصحف والجرائد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة وغيرها سواء كان داخل السلطنة أو خارجها.
  • تقديم تطبيق إلكتروني على أجهزة الهواتف الذكية باسم رؤية عُمان 2040 حتى يتمكن الجميع من الاطلاع المباشر على الرؤية ومؤشرات تنفيذها خلال كل عام وما تم إنجازه منها بشكل دوري مستمر.

ثانيًا: التركيز حاليًا على النصف الأول من الرؤية (حتى 2030)؛ أي لمدة 10 سنوات مقبلة في الإعلام أو الإنجاز حيث إن الكثير من دول العالم المُتقدم مثل بريطانيا وألمانيا وماليزيا وغيرها الكثير وكذلك الدول المحيطة بالسلطنة مثل السعودية والإمارات وقطر ومصر، الذين بنوا رؤيتهم لعشر سنوات ويتفق ذلك مع علم وأصول التخطيط الحديث، وذلك لسببين رئيسين هما:

  • التغير السريع والمتلاحق الذي يشهده العالم المُعاصر في مختلف المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والمعرفية وغيرها التي تجعل من المستحيل أو الصعب بناء رؤية أو خطة لمدة عشرين عاماً لأنه حتمًا سوف تتغير الأولويات والنتائج والمؤشرات والظروف الاقتصادية والسكانية وغيرها بعد عشر سنوات فكيف بعد عشرين عاماً.
  • صعوبة تحديد وبناء المؤشرات والنتائج للرؤية لمدة عشرين عاماً من الآن ومتابعة تنفيذها لذلك لجأت معظم دول العالم بل أكثرها إلى بناء رؤيتها لمدة عشر سنوات فقط هذا من جهة ومن جهة أخرى أنه كلما زادت مدة الرؤية كلما قلَّ الشغف والدافعية والولاء لتنفيذ الرؤية من قبل الأفراد والمجتمع والمؤسسات أي إننا بحاجة إلى عشرين عاماً للحكم على نجاح الرؤية وتحقق أهدافها بشكل كامل وهذه فترة زمنية كبيرة في قياس وتقييم المؤشرات والنتائج.

ثالثًا: مؤشرات الإنجاز أو تحقيق الرؤية لنتائجها الموجودة في وثيقة الرؤية المنشورة تعتبر طموحة إلى درجة كبيرة جدا بناءً على واقع السلطنة الحالي حيث تضمنت الوثيقة 15 مؤشراً من مؤشرات الأداء في الرؤية أن تكون السلطنة من أفضل 10 دول على مستوى العالم بحلول 2040 على سبيل المثال: مؤشر تنمية التعليم للجميع، مؤشر التنافسية العالمية للمهارات، مؤشرالتطوير الاقتصادي، ومؤشر سهولة ممارسة الأعمال، ومؤشر الكفاءة الحكومية وكذلك مؤشر زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 90% عن الوضع الحالي وأيضًا مؤشر مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي بنسبة أكبر عن 90% غيرها من المؤشرات المأمول تحققها، وعليه فإن هذه المؤشرات بحاجة إلى تقليل سقف التوقعات أو تعديلها بما  يتوافق مع إمكانيات وقدرات السلطنة الحالية وفي نفس الوقت تكون طموحة وتتسم بالشغف.

عزيزي القارئ للحديث بقية فيما يتعلَّق برؤية "عمان 2040" في الجزء الثاني والمتعلق بمدى ارتباط الرؤية بموضوع الحماية الاجتماعية ومصطلح الباحثين عن العمل والأسرة في وثيقة الرؤية.

تعليق عبر الفيس بوك