تحديد وقت لكل معاملة حكومية

 

خلفان الطوقي

 

يُشير الوضع الحالي في بعض- وليس كل- المؤسسات الحكومية، إلى أنَّ المُعاملة الحكومية تُنجز بسهولة ويُسر وسُرعة؛ إما بسبب معارفك أو من خلال قريب أو صديق لديه أحد المعارف في تلك المؤسسة الحكومية، وإلّا أخذت المُعاملة وقتًا أطول بكثير، وربما لن يكون هناك ردٌ، إلا بعد زيارات عدة للمتابعة الميدانية.. وفي المقابل هناك جهات حكومية أخرى حددت وقتًا مُحددا لكل معاملة حكومية.

من المعلوم أن طبيعة المعاملات الحكومية تختلف من معاملة لأخرى، فرغم ذلك إلا أن بعض الجهات واعية لذلك، ومع الوقت أصبحت ناضجة ومواكبة لتطلعات المراجعين، وقسمت المعاملات إلى أنواع، فمنها الروتيني اليومي، ومنها الاستثنائي الذي يظهر بين فترة وأخرى، وله مُعالجات معينة، ومنها المعقد الذي يحتاج لبعض الوقت لدراسته واتخاذ القرار المناسب ومن قمة رئيس الوحدة أو من ينوب عنه، وفي ذات الوقت ما زالت هناك جهات حكومية لم تصل لذلك النضج الذي يُواكب طموحات وتطلعات الحكومة نفسها ومعها المراجعون.

درجة نضج الوحدة الحكومية تقاس بعدة معايير، ومن هذه المعايير تحديد فترة زمنية معينة لكل معاملة حكومية مهما كانت، فمنها ما ينتهي في دقائق أو أيام عمل محددة أو أسابيع، ومنها ما ينتهي إلكترونيًا دون لقاء شخصي، ومنها ما يحتاج إلى عدة لقاءات لحلحلة المواضيع المعقدة.. المهم أن تكون هناك خارطة واضحة ومعلنة داخل الوحدة الحكومية وخارجها لمعظم المعاملات الحكومية والوقت الذي تحتاجه لإنجازها، يمكن قياس دقة الإنجاز من عدمه شهريًا وربع سنوي ونصف سنوي وسنويًا.

إن تحديد وقت محدد لكل معاملة حكومية ليس ترفًا؛ بل أصبح مطلبًا جوهريًا للجميع، وله مرجعيات، بدءًا من جميع خطابات جلالة السطان المعظم- أيده الله- حيث يؤكد جلالته دور الحكومة الديناميكة المواكبة للعصر والملبية لتطلعات المواطنين، وتشكيل جلالته للجنة مختصة معنية بتقيم أداء الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم، وأيضا ما تتضمنه رؤية "عمان 2040" من أهداف، وسعي وزارة العمل لتطبيق منظومة معايير أداء الموظفين الحكوميين في القريب العاجل، فضلًا عن ارتباط السلطنة بالمنظمات الدولية المختصة وحرصها على أن تكون في أعلى ترتيب بقائمة أفضل الحكومات أداءً من نواحٍ عدة؛ مثل: سرعة الإنجاز والوقت المطلوب لكل معاملة، وسهولة إنهاء المعاملات الحكومية، والمستندات والخطوات المطلوبة لإنهاء المعاملة.

أداء الحكومة لا يقاس بشكل فردي، وإنما يقاس بشكل جماعي، فرب جهة واحدة غير مواكبة تنسف أداء باقي الجهات الحكومية، ومن خلال إقرار وقت محدد لكل معاملة حكومية في كافة الوحدات الحكومية سيتكشف بكل وضوح الجهة المنتجة من الجهة المعرقلة والمتأخرة عن غيرها، وتحديد طرق المعالجة السريعة والناجعة، فالظروف المحلية والعالمية اختلفت عن السابق، ولا مجال للتهاون وعدم المبالاة وعدم تحمل المسؤولية، وتطبيق أدوات قياس الأداء المؤسسية والفردية، ومنها تحديد وقت لكل معاملة، والذي نؤكد مجددًا أنه لم يعد خيارًا؛ بل واجبا أصيلا على الحكومة تطبيقه إن أرادت خلق حوكمةً رصينة وثقة متبادلة بينها وبين الغير، وتحقيق سمعة دولية مرموقة، وبلوغ أرقام قياسية سنة تلو الأخرى، وإنتاجًا تراكميًا يحقق نموًا في الناتج المحلي، وتنمية مستدامة في جوانب الحياة كافة.