ابراهيم بن سالم الهادي
مع الصباحات التي تبعث للحياة مسارات مُتجددة ونحن نلامس من خلال عملنا الإعلامي مشاهد نحاول صياغتها وفق تصورات وبناء على قراءات للواقع ولما بين السطور، نتجول وسط الفعاليات المتنوعة التي تقام هنا وهناك، نرصد الأخبار ونتأمل في الأسئلة التي نطرحها لأنفسنا أولاً ثم للمعنيين لنجد الإجابات التي ربما لا تلبي شغفنا في أحيان كثيرة.
وفي خضم كثرة الفعاليات تسوقني المهنة في أحيان كثيرة إلى المعارض الخاصة بالمبتكرين، حيث الابتكارات والاختراعات الجديدة وأفكار الشباب العمانيين ولعل أكثرهم طلبة في الكليات والمدارس، وكثيرا ما تدهشني تلك الابتكارات وتملأني إعجابا وفخرا كونها تبتكر لأول مرة وبعضها تأتي تطويراً لابتكارات أخرى ومن أبناء عمان الشباب الذين لا زالت عقولهم نظيفة لم ترهقها الهموم وإرهاصات الحياة، المعارض تلك يملؤها الزائرون المنتشرون في أروقة المعرض، وبين سكينة وضوضاء يلوح من بعيد "الزائر الغريب"، كعادته وهو يحمل لوحه الإلكتروني الصغير الذي يحوي بداخله كاميرا للتوثيق وكيبورد (لوحة مفاتيح) لطباعة المعلومات بدقة، فهو يكاد لا يفوت معلومة صغيرة أو كبيرة دون تدوين، إلى أن يسدل ستار المعرض للختام وتنطوي معه صفحات الموضوع ثم تختفي معها تلك الأفكار والابتكارات؛ حيث لا ذاكر لها ولا راصد يتتبعها، ربما لأن أصحابها لم يجدوا من يحتضنهم أو لغياب الدعم الاستراتيجي لتبني أفكارهم وابتكاراتهم أو لأسباب تخصهم.
المهم أنه بعد فترة من الزمن أجد كما يجد غيري بعض تلك الأفكار قد تمَّ تطبيقها في صناعات من دولة أخرى عالية الجودة، ثم تنتشر في العالم بأسره تحت مُسميات متعددة، فهل كان ذلك الزائر الغريب راصدًا للابتكارات وناقلا للمعلومات، أم أن الأفكار تتشابه في مختلف الدول؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى يخلق من الشبه أربعين؟!
أسئلة دائماً ما تتبادر إلى ذهني وهي استخلاص حقيقي لواقع نلامسه نحن الإعلاميين أو غيرنا من المعنيين حينما نجول بقلمنا وأدواتنا الإعلامية التي ننقل عبرها الصورة كما هي دون البحث عن ما وراء الأهداف التي تأسست لها، وأسئلة أخرى كثيراً ما تغيب الإجابات عنها لما يتعلق من العائد الحقيقي بعد الفعاليات وغياب المتابعة لجدواها سواء فعاليات عرض الابتكارات أو غيرها من الفعاليات المتنوعة والتي كثيرا ما نسطر أهدافها على صدر صفحات الصحف أو شاشات القنوات.
هذا الأمر يحتاج إذاً إلى دوائر متابعة من الجهات المعنية بهذه الابتكارات لتقيِّم الأفكار وتدرس جدواها ثم البحث عن صياغة مجدية لتبنيها ويمكن أن تؤسس مصانع لبعضها تغنينا عن الاستيراد ويصدر الفائض منها فنحن دولة حضارة صنعت السفن في زمن كانت أهمية السفن فيه تضاهي مركبات الفضاء اليوم.