ناصر بن سلطان العموري
من هو "قاهر المُستحيل"؟! إنِّه عمار بوقس، ربما أكثرنا لا يعرفه أو لم يسمع به، وحقيقة ما شدني لكتابة هذا المقال هو الخبر الذي نُشر في صحفنا المحلية الأسبوع المنصرم عن زيارة رئيس مجلس إدارة جمعية الإرادة للموهوبين من ذوي الإعاقة للسلطنة، ولقائه صاحب السُّمو السيد فاتك بن فهر المبعوث الخاص لصاحب الجلالة وعدد من المسؤولين بالدولة.
ما لفت انتباهي أثناء اطلاعي على الخبر هو صورة الضيف فقد كان بكامل هندامه وأناقته على نقالته إذا صح أن نقول وليس على كرسيه المُتحرك.. ازداد فضولي لمعرفة الكثير عن هذه الشخصية وبحثت عنها عبر الشبكة العنكبوتية وذهلت حقيقة لما رأيت في سيرته الذاتية وكيف أنَّه قهر المستحيل بالفعل دعونا نبحر في سيرته التي استعنت فيها بمواقع متخصصة وسوف تقرأون عجبا.
"قاهر المُستحيل" هو بطل حقيقي رفض أن يستسلم لمرضه النادر والذي سبب له شللًا في جميع أنحاء جسمه باستثناء العين واللسان والعقل، نشأ عمار بوقس مع مُعاناته مع المرض وتحدى الإعاقة عند ولادته رحل به والداه إلى الولايات المُتحدة الأمريكية، فأخبره الأطباء بإصابة ابنه بمرض نادر جدًا وهو (فيردنج هوفمان) وكان من المُمكن أن يتسبب في نهاية حياته بعد شهرين من الولادة، كان والده رجلًا مُؤمنًا صبورًا وقد أعانه الله وكتب لولده الحياة، فقضى في الولايات المُتحدة شطرًا من حياته ثم عاد إلى المملكة العربية السعودية والتحق بالمدارس فيها ليُكمل دراسته بالصف الرابع، ولكن بسبب إعاقته وعدم وجود مدارس متخصصة تناسب حالته وقتها اضطر أن يلتحق بنظام الانتساب، فكان لا يحضر سوى الامتحانات النهائية حفظ القرآن الكريم وهو بعمر الثالثة عشرة أنهى تعليمه الثانوي بتفوق كبير؛ حيث بلغ معدله 96% وهي نسبة مُرتفعة جدًا استمر عمار في مراحله التعليمية بنجاح وكفاح حيث التحق بكلية الآداب قسم الإعلام وتخرج فيها بمرتبة الشرف الأولى على الكلية وبمعدل مرتفع جدًا.
عمل بعد تخرجه مُحررًا وكاتبًا صحفيًا في القسم الرياضي والاجتماعي في عدد من الصحف والمجلات المحلية منها "عكاظ" و"المدينة"، فكان عشقه الرياضة ويرى فيها التحدي والقدرة على تخطي الصعوبات.
تميز قاهر المستحيل بإلقاء المُحاضرات التحفيزية وألقى العديد منها خاصة عـن الإعاقة والإرادة وتوعية المجتمع بـحـقـوق ذوي الاحتـياجات الخاصة داخل المملكة وخارجها.
ومن الألقاب التي حصل عليها تكريمًا له هو لقب "قاهر المستحيل" من قبل أحد الإعلاميين السعوديين البارزين، ومن التكريم الذي حصل عليه عمار هو تسجيل فيديو على موقع اليوتيوب يحكي قصته باختصار، وكيف قهر المستحيل؛ حيث تابعه خلال أيام بسيطة أكثر من مليون ونصف المليون متابعٍ صاحبته ضجة عند طرحه وتُرجم بعدها إلى اللغة الإنجليزية (انصحكم بمتابعته لكي تحلقوا في سماء الإرادة).
ولم يكتفِ عمار بوقس بهذا الإبداع بل وألف كتاباً أسماه "قاهر المستحيل"، حقق نجاحًا كبيرًا مما دفع الرئاسة العامة لرعاية الشباب لشراء كامل النسخ وتوزيعها على جميع الأندية الرياضية في المملكة، كما حصل على جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز رحمها الله للتميز في العمل الاجتماعي.
"الدنيا مليانة تحديات، وأنت لك القرار، يا تختار، يا تنهار، الإعاقة عمرها ما كانت نهاية الحياة عمرها ما كانت نهاية العالم، الإعاقة انطلاقة.. الإعاقة نقطة بداية، صوت الإرادة صوت لا يعلو فوقه أي صوت" هذا هو الشعار الذي يرفعه قاهر المستحيل عمار بوقس.
عمار بوقس هو حقًا قاهر المستحيل، فقد تحدى إعاقته وحصل على الشهادات العُليا وأعظمها بالطبع شهادة حفظ كتاب الله كاملا، عمار بوقس يقدم دروساً في الإرادة والتصميم ويعتبر أنموذجاً فريدا لكل شخص وأثبت صحة مقولة "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس"؛ فالأمل دائما به نحيا إنما اليأس هو الموت البطيء.
باختصار.. لمن أراد القدوة والأمل وتجاوز المحن وقهر المستحيل فليقرأ سيرة عمار بوقس ليس من قبل أصحاب الإعاقة فحسب؛ بل حتى الأصحاء أنفسهم فهناك أصحاء الأبدان مرضى العقول كسالى الهمم.