عمر المرأة.. لا يوم المرأة

علي بن مسعود المعشني

Ali95312606@gmail.com

أنا من الذين يكرهون اختزال الرمزيات الكبيرة في حياتنا في صور وشكليات ومظاهر هزيلة لا تنصفها ولا ترقى الى كنهها. ومن هذه الرمزيات والدلالات العميقة، تكريم المرأة، عيد الأم، عيد الأب، عيد الحب ...إلخ؛ فهؤلاء الرموز وجدوا ليبقوا طيلة الحياة والأعمار ة، وهي مناسبات أبعد من الأيام والساعات لأنها مشاعر فطرية عابرة للأجيال والحدود.

وبمناسبة يوم المرأة بسلطنتنا الحبيبة فسيكون كلامي هنا حصرًا على هذه المناسبة بتسليط الضوء على مراحل وأطوار الدولة العصرية لسلطنتنا الحبيبة منذ بزوغ فجر النهضة المباركة عام 1970م ولغاية اليوم والغد، ونصيب المرأة العُمانية من التمكين في تفاصيل هذه المراحل والأطوار.

سألني ذات يوم مسؤول كبير عن رأيي في سياسات تمكين المرأة العُمانية في الحكومة؟ فجاوبته بالقول: إن التمكين شيء والتعيين شيء آخر تمامًا، فالتمكين يعني تهيئة الفرص الادارية والتشريعية والتزويد بالأدوات الضرورية من تعليم وتأهيل لتصبح مشاركة الفرد فاعلة وعن جدارة، مع ضرورة مراعاة أطوار وعي المجتمع وحاجاته واحترام تقاليده وموروثه كي لا يُستفز أو يُستثار في قناعاته وموروثه القيمي، أما التعيين فهو تجاوز لكل ما ذكر لتحقيق نقاط ومكاسب في المحافل والمنظمات دون مراعاة أو قراءة عميقة لحاجات وموروث المجتمع.

نحن في سلطنتنا الحبيبة كان سلوكنا وسياساتنا في المُجمل تتجه نحو تمكين المرأة لا تعيينها وفرضها، فبمجرد اطلاق العنان للمرأة في اكتساب العلوم والمعارف الحديثة وفي جميع التخصصات دون تحفظ وجدت المرأة نفسها في وضع يُمكنها من المشاركة في تفاصيل ومفردات التنمية دون غواية أو تحفظ. من يراجع سجلات التوظيف منذ فجر النهضة المباركة سيلمس بجلاء مؤشرات تمكين المرأة بالسلطنة، كمًّا وكيفًا والوظائف الجاذبة لها بالتراكم الزمني وبما يتناغم مع حاجات الدولة والمجتمع ويكتسي بطابع القيم والموروث المتعارف عليه. وبهذا التدرج الجميل والحيوي وجدنا المرأة بسلطنتنا الحبيبة تقتحم جميع مجالات العمل بلا خجل ولا وجل بفضل تمكين الحكومة لها ومباركة المجتمع؛ حيث انطلقت من الوظائف التي تتناسب مع غريزتها وتكوينها الجسدي والنفسي ورسالتها الانسانية كمعلمة ثم ممرضة فطبيبة وصولًا الى موظفة في جميع القطاعات المدنية والعسكرية بلا استثناء؛ حيث لم نعد نسمع اليوم عن محاذير مجتمعية لهذا العمل أو ذاك إلا ما تُمليه المحاذير أو الرغبات والمطامح الشخصية فقط لا غير.

ما يلفت نظري اليوم وأعتقد بأهمية تسليط الضوء عليه في هذا الأطوار والمراحل من تمكين المرأة وعملها بسلطنتنا الحبيبة هو دور المرأة اليوم في العمل النقابي، هذا الدور الذي لم يُنصف ولم يوفى حقه حتى يُرسخ كثقافة راقية ومرتبة عليا من مراتب التمكين ومساهمة المرأة في مفردات المجتمع المدني وعلى رأسها النقابات والتي تحمل رسالة الوعي والتنمية والحقوق معًا. 

هذه المكاسب العلمية والمجتمعية التي تحققت على أرض السلطنة خلال العقود الخمسة من نهضتها المُباركة حري بنا الفخر بها والبناء عليها بما لا يُخل باللبنة الأولى للمجتمع وهي الأسرة وبما لا يُخل كذلك في الموروث القيمي لمجتمعنا العربي العُماني المُسلم، فلنجعل من هذه الرموز أعياد ومناسبات دائمة.

قبل اللقاء.. يحق لنا أن نفخر بالفرد العُماني من ذكر وأنثى على هذه الأرض الطيبة والذي يُشبه الغيث النافع، أينما وقع نفع، وكل ما يتمناه هو التمكين فقط وتيسير سُبل الحياة الكريمة له بلا إفراط أو تفريط.

وبالشكر تدوم النعم.