أهمية الإرشادات في الأنواء المناخية

 

 

◄ من الضروري تخصيص هيئة أو مركز دراسات وبحوث لدراسة الحالة السكانية من جوانب متعددة ابتداء من الإنسان وليس انتهاء بالمشاريع

 

يحيى الناعبي

 

إنَّ الموقع الجغرافي لعُمان وامتدادها الساحلي الطويل جعلها عرضة للأعاصير وخطر الأنواء المناخية المختلفة منذ سنين طويلة. لكن الشاهد أن السلطنة منذ السنوات الخمس عشرة الماضية وتحديدا بعد إعصار "جونو" أصبحت بحسب المختصين في علوم التغيرات المناخية من الدول المعرضة باستمرار لهذه المخاطر الطبيعة.

وبالفعل العديد من الحوادث المتعلقة بالأعاصير والمنخفضات الجوية والتي تقّل في تسلسلها عن العامين بين الحدث والآخر. لذا من الضروري تخصيص هيئة أو مركز دراسات وبحوث لدراسة الحالة السكانية من جوانب متعددة ابتداء من الإنسان من مواطن ومقيم وليس انتهاء بالمشاريع الأخرى كالإسكان والنقل والمصارف المائية وغيرها من المشاريع في كيفية التصدي لهذه الحوادث والتخفيف من أخطارها وأضرارها.

بالطبع الإيمان بالأقدار بديهيٌ، لكن العمل على تخفيف أضرارها في الأرواح والممتلكات ضرورة واجب السعي إليه والعمل الجاد نحوه. والتضاريس العمانية معقدة وتساعد على مضاعفة الكوارث الطبيعية القادمة من أعماق المحيط والمتجهة نحو اليابسة، فتتلقفها الجبال، وتحدث الفيضانات الناتجة عن الأودية والشعاب المائية. وقد أثبتت التجارب والحوادث المستمرة الخسائر والأضرار التي لحقت بالسكان والمنشآت الوطنية. هنا يجب أن نفرق بين الاستسلام التام للقدر وبين محاولة تخفيف أضراره.

في متابعة للعديد من الدراسات العلمية والبحوث في دول العالم وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، أستراليا، وأوروبا، لاحظت وجود اهتمام كبير من منظمات ومراكز- تدعم البحوث والتجارب- بدراسة التفاصيل التي تخص السكان من حيث المحاذير والأساليب التي يجب اتباعها من أجل تخفيف أضرار المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير. إضافة إلى دراسات متفرقة وقليلة في آسيا، بينما في الشرق الأوسط هناك دراسات حول المخاطر الطبيعية وخصوصًا الزلازل والتي تمثل الجزء الأكبر في إيران. هذه الدراسات تساعد كثيرًا في تنظيم وإدارة حماية السكان والمقيمين. لذلك من الضروري الاهتمام بمثل هذه الدراسات في العمل بها من أجل التوعية وتثقيف القاطنين في السلطنة.

يجب أن يكون هناك حرص كبير من المؤسسة الرسمية على تثقيف وتوعية المواطنين ويجب أن تكون هذه البرامج عنصرًا مهمًا في المناهج الدراسية للطلاب. وهناك الكثير من هذه البرامج، سوف نتطرق في هذه العجالة إلى بعض البرامج الرئيسية من بينها: تثقيف الطلبة وأفراد المجتمع على برامج الإسعافات الأولية، كذلك يجب أن يتوفر في كل بيت صندوق الإسعافات الأولية، ويجب على كل أسرة أن تتوفر لديها بعض الأدوات المنزلية اللازمة المتعلقة بإصلاح أي عطل طارئ أثناء حدوث الكوارث الطبيعية، وأماكن الإيواء والطرق التي يجب أن تسلكها الأسر في حالة الضرورة للإيواء. وهناك الكثير مما يجب تثقيف المواطنين والمقيمين به من أجل التقليل من الأضرار في الأرواح، ناهيك عن بعض البرامج المتعلقة بتقليل الأضرار المادية وأيضًا تثقيفهم في المجالات الأخرى المختصة بالتأمين والخصائص المتعلقة بالبضائع المؤمن عليها بسبب الكوارث الطبيعية.

من المُلاحظ في الحالات التي تستبق حوادث الأنواء المناخية، تتشكّل لدى الكثير من عوام المجتمع احتفالية نقل تحركات المنخفض أو الحالات المدارية الأخرى، لكن وللأسف لا يتزامن معها إرشادات وتوجيهات للمجتمع في منصات التواصل الاجتماعي. بالتالي الكثير من الخسائر التي تتبع الأنواء المناخية أو النسبة الأكبر منها، بسبب جهل المجتمع باتباع الطرق التي تقي أنفسهم وممتلكاتهم الضرر. والجهل هنا ناتج عن انعدام أو قلة الإرشادات التي تساعد على ترسيخ التحذير عند المواطنين والمقيمين.

على سبيل المثال من المفترض على شركات التأمين أن تبعث رسائل نصية للمؤمنين لديها على ممتلكاتهم وتحديدا المركبات بأن يبقوا على حذر والبحث عن المكان الآمن. هذه الآلية من التحذيرات وتكريسها جزء من تثقيف المجتمع حول سلامتهم وضرورة أخذ الاحتياط اللازم.

إن غياب هذه الجزئية يدل على وجود فجوة كبيرة بين المؤسسات أيا كان تصنيفها وبين المجتمع. لاحظنا الكثير من الأضرار الناتجة عن الفيضانات والأعاصير، ليس لأن أفراد المجتمع يجهلون الكوارث؛ بل لعدم وجود تلك الرسالة التذكيرية البسيطة ولكنها ضرورية.

وعندما نلاحظ غمر الكثير من المركبات بالمياه في المناطق الأكثر عرضة كالساحلية أو المناطق المنخفضة والقريبة من مسار الأودية والشعاب أو البرك المائية، هو نموذج على وجود خلل ما مُتعلق بالوعي المؤسسي، وليس الفردي فقط، وهذا جزء مفقود في فنّ التعامل بين المؤسسة والمجتمع.