سالم كشوب
عضو جمعية الصحفيين العمانية
يحتفلُ العالم يوم السابع والعشرين من سبتمبر من كل عام، بيوم السياحي العالمي حيث تم اعتماد هذا التاريخ من قبل منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة اعتبارا من عام 1970؛ حيث تم اعتماد النظام الأساسي لهذه المنظمة ويحمل شعار هذا العام "السياحة لتحقيق نمو شامل" وهي رسالة إيجابية ودعوة للنهوض مرة أخرى بعد تداعيات جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وأدت إلى خسائر بشرية ومالية وتأثير سلبي مخيف على مختلف القطاعات؛ ومنها القطاع السياحي الذي تكبد الكثير نتيجة إجراءات السلامة والاحتياط التي اتخذتها الدول لحماية سكانها من هذا الفيروس.
وبالتالي يرسل هذا الشعار دعوة لإنعاش قطاع مهم وحيوي يلعب دورا مؤثرا ليس فقط في الجانب الاقتصادي، وإنما في الجانب الثقافي والمعرفي والتقارب بين الشعوب وخلق قيمة مضافة إذا تم تفعيل هذا القطاع الحيوي بالشكل الأمثل وبتضافر مختلف الجهود سواء على المستوى الرسمي أو القطاع الخاص أو المجتمع.
لا شك أن العالم لن يكون بنفس الوضع قبل الجائحة؛ حيث ستتغير الكثير من المفاهيم والإجراءات وكذلك مشاعر وأمزجة المهتمين سابقاً بمجال السفر والسياحة فمشاعر العزلة والغلق التي ألمت بالعالم ومشاهد الإصابات والموت جراء جائحة كورونا يحتاج إلى جرعات من الأمل والتحفيز ليس فقط للأفراد للتأقلم مع هذه الجائحة وإنما تسهيلات وحوافز للجهات والعاملين في القطاع السياحي للنهوض مرة أخرى بثبات وعزيمة فالخسائر التي تكبدتها شركات الطيران ومكاتب السفر والسياحة والفنادق ومختلف المؤسسات والشركات العاملة في القطاع السياحي والعديد من القطاعات المرتبطة بهذا المنجم تحتاج إلى بلورة سياسة تتسم بالتحفيز المالي والتشريعات القانونية السلسلة والإجراءات التي توفر الحماية ونوع من الاستدامة للعاملين في قطاع السياحة فنحن نتحدث عن منافسة شرسة بين دول العالم لأخذ نصيب من كعكة هذا القطاع المهم؛ حيث كانت نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي 10.3% عام 2019 تمثل نحو 8.9 تريليون دولار أمريكي، مقارنة بنحو 8.8 تريليون دولار أمريكي عام 2018، وبلغت نسبة استحواذ الدول العربية من هذا القطاع بلغة الأرقام المالية بناء على تقارير صندوق النقد العربي 313.6 مليار دولار عام 2019، مقابل 281.5 مليار دولار لعام 2018.
واحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربيا في ناتج القطاع السياحي عام 2019 بـ79.5 مليار دولار (إذ تدخل رحلات الحج والعمرة ضمن العائدات السياحية)، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة بـ58.2 مليار دولار ومصر ثالثة بـ48.3 مليار دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تعافي القطاع السياحي وعودته مرة أخرى إلى مستوياته السابقة قبل أزمة كورونا وفق تقرير صندوق النقد العربي يحتاج إلى فترة تمتد من 3 إلى 6 سنوات، لاسيما وأنه خلال عام 2020 تراجع نشاط السياحة العالمي لنسبة تتراوح بين 60 إلى 80%، وبالتالي لابُد لأي دولة تعتمد في خططها التنموية على هذا القطاع من وجود خطة عاجلة للتعافي تشارك فيها مختلف الجهات ذات العلاقة لإعادة ثقة المهتمين بالسياحة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي، في ظل منافسة شرسة متوقعة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح والاستحواذ على نسب جيدة تلعب دورا مهما ليس فقط في الجانب المالي وإنما في توفير مزيد من فرص العمل وإنعاش العديد من القطاعات الحيوية المرتبطة وذات العلاقة بالجانب السياحي.
على مستوى السلطنة، تأثرنا مثل غيرنا من الدول جراء جائحة كورونا، حتى على مستوى الأنشطة المختلفة المرتبطة بهذا القطاع؛ حيث قبل الجائحة كانت هناك خطط وبرامج لرفع نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج الإجمالي المحلي الذي انخفضت مساهمته إلى 2.5% من الناتج المحلي عام 2019 مقارنة مع 2.9% عام 2018؛ حيث تطمح الاستراتيجية السياحية للسلطنة (2016- 2040) إلى المساهمة في الناتج المحلي بنسبة 6%، وبالتالي الجهود الحكومية ليست كافية للوصول إلى هذه النسبة ما لم يكن للقطاع الخاص والمستثمرين دور مهم في هذا الجانب، ومن ثم من الأهمية بمكان وجود تشريعات وتسهيلات ملحوظة للنهوض مجددًا بهذا القطاع الحيوي والاستفادة من التنوع الجغرافي والبيئي لمحافظات السلطنة وتفعيل التعاون مع السفارات العمانية بالخارج في جانب الترويج والتسويق واستقطاب مزيد من رؤس الأموال التي تبحث عن التسهيلات والفرص في ظل صراع عالمي محتدم لجذب تلك الاستثمارات واستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح.
وقبل هذا من الأهمية توفير الحوافز التي تقلل من عملية السفر السياحي الخارجي للمواطن للاستمتاع بالسياحة الخارجية فطالما توفرت خيارات متنوعة وبأسعار مناسبة للمواطن فبلاشك سيفضل السياحة الداخلية على السياحة الخارجية وبالتالي ضمان انتعاش دائم على مدار العام وليس فقط يعتمد على موسم معين وهذا يتطلب تضافر مختلف الجهات لقطاع سياحي يحقق نموا شاملا ولا يعتمد فقط على موسم أو فعالية.