محمد بن عيسى البلوشي
إحصائية اطلعت عليها نسبت إلى البيانات السنوية التي تصدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير إلى أنَّ عدد الوافدين العاملين في القطاع الحكومي ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 29 سنة بلغ في العام الماضي (2020) 396 موظفًا، في حين بلغ عدد الوافدين العاملين في القطاع الحكومي ممن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا 453 موظفاً في 2020، مع الإشارة إلى أنَّ إجمالي عدد الوافدين العاملين في القطاع الحكومي خلال العام المشار إليه بلغ 28164 موظفًا.
ما أودُ الحديث عنه في تلك الأرقام المهمة يأتي في نقطتين مهمتين، تتمثل الأولى في ماهية الخبرات التي تتواجد لدى الموظفين الوافدين الذين تتراوح أعمارهم ما بين عشرين عامًا- وهي مرحلة يقضيها أبناؤنا الطلبة في الدراسة للحصول على شهادة الدبلوم أو البكالوريوس- إلى 29 عامًا "على اعتبار أنهم تخرجوا وهم في أعمار 22 عامًا؟".
أما النقطة الأخرى فتتمثل في نوعية الخبرات التي قد تحتاجها المؤسسات الحكومية ممن تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، وذلك في ظل التطورات التي شهدها قطاع العمل بإحالة البالغين تلك الأعمار إلى التقاعد؟
أعتقد أنه أصبح من الأهمية بمكان أن تنظم المؤسسات الحكومية الراغبة في الاستفادة من الخبرات الأجنبية لإثراء أعمالها أو لإنجاح مشاريعها النوعية، ملف الاستعانة بموظفين أجانب، وذلك عبر وضع ضوابط محددة وواضحة في المهام التي توكل إلى الموظف الأجنبي: لماذا أستعين بموظف أجنبي ولا أوكل المهمة إلى موظف عُماني؟، والنتائج المأمول تحقيقها: ما هي النتائج التي يُحققها الموظف الأجنبي المتعاقد معه بعد سنة أو سنتين على أقصى مدة؟، والفترة الزمنية التي سيقضيها في المشروع سواء أكان المشروع ماديا: بناء وتعميرًا أو معرفيًا (نقل خبرات محددة وواضحة)، مع الأخذ في الاعتبار الآلية الواضحة التي سيعمل عليها لتحقيق هذه الغاية: "أسلوب وأدوات نقل المعرفة من الخبرة الأجنبية".
بلا شك أن الأرقام التي يتم الإفصاح عنها من قبل جهات الاختصاص بالإحصاء والمعلومات، وخصوصا فيما يتعلق بأعمار الوافدين الذين يعلمون في القطاع الحكومي والذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً ويزيد عددهم عن 10500 موظف، تدعونا إلى أن نتساءل: ما هي الخبرات التي يمكن أن يثري بها أصدقاؤنا وأحبتنا الوافدين العمل الحكومي؟ (ولربما أستثني هنا بعضا من التخصصات المُهمة وغير المتوفرة)، وأيضاً أتساءل عن الضوابط التي يجب أن تضعها جهات الاختصاص لتحديد الفترة الزمنية التي يمكن أن يقضيها الموظف الأجنبي والتي يجب ألا تزيد عن سنتين كحد أقصى ويمكن تجديد الفترة بأمر مسبب من أعلى سلطة منظمة لعمل المؤسسات الحكومية؛ مجلس الوزراء الموقر، فليس من المعقول أن يقضي موظف وافد أكثر من 10 سنوات أو 20 عاماً في مؤسسة حكومية.
هناك مجموعة من الآليات التي يمكن العمل بها لتنظيم استقدام الموظفين الأجانب للعمل في القطاع الحكومي، ولربما وزارة العمل لديها الكثير لتقوله في هذا الجانب، ولكن أجد أنه من الضروري أن نُحدد في البداية مفهوما وطنياً متفقاً عليه نعرف معه الوظائف/ المهام/ الواجبات التي يمكن لمؤسسات القطاع الحكومي الاستعانة بالخبرات الأجنبية فيها، مع تحديد نوع الخبرة وأيضا عمرها الوظيفي والفترة الزمنية التي سيقضيها، وتحديد الآليات الضامنة من نقل المعرفة إلى الموظفين العمانيين سواء في التشغيل أو الديمومة في المشاريع، مع الأخذ في الاعتبار إعادة النظر في مسألة أعمار الوافدين ممن تقل عن 40 عاماً أو تزيد عن 60 عاما.
أجد دورًا مهمًا يمكن أن يلعبه مجلس الوزراء الموقر وهو توجيه وزارة العمل لإصدار قانون يحدد ضوابط ومفاهيم موحدة لاستقدام الوافدين للعمل في القطاع الحكومي؛ ليكون منهجًا ومرجعًا يساعد الحكومة على حوكمة الممارسات الإدارية في هذا الجانب، وأيضًا تكون بوصلة واضحة المعالم في كيفية نقل المعرفة وإثراء الخبرات العمانية في مختلف التخصصات، وإلى ذلك الحين أتمنى أن يتم توجيه المؤسسات الحكومية إلى مراجعة العقود الحالية والنظر إلى عمر العقود التي أبرمتها مع الموظفين الأجانب ومدى تحقيقها للأهداف الموضوعة، وذلك لحوكمة الأمر وقياس الأثر بشكل مهني واضح مع الأخذ في الاعتبار أهمية المراجعة والمتابعة المستمرة.