مزيونة

 

عائض الأحمد

 

ولم لا الناس فيما "يعشقون مذاهب" فمنهم من وهب عمره وعاش مُتمردا على كل الأعراف والتقاليد، ومنهم من بكى على الأطلال محباً عاشقاً، فكم من مُحبين لمسوا شغاف القلب، ثم فرقتهم الحياة عنوة، أو بظروف صنعوها في لحظات ضعف لم تكن في حسبان أحدهم؟

ذاك الفتى البسيط راعي الأغنام، عاش فقيراً يتيم الأب والأم ولكنه "يتيم دهره" فصاحة وبلاغة وحسن منطق، وكما كان يقول: المال والجاه أفقدها، ولكن ما فقدت يوماً سر مخبأها تأتي وتذهب، عيني لم تكن قط تألفها أرزاق صانعها يقسمها،  فيا رب أكرمني بمعشرها.

كلما شعر بنقصه عاد يذكرها، في وسط لهيب القيظ، وفقر الحال، والمال، لا تفارق ناظريه، هي عنوانه عندما أدار له الزمان ظهره وعبس، يناجيها منادياً سأصل لمن وهبتها قلبي. فدانت له وامسك بلبابها!

"مزيونة" كانت حلمه جعلها قبلة قلبه أينما حل، عاش الشقاء ليسعدها، خاض المستحيل وتباهى بكفاحه، وتجاوز الخمسين، وهو يردد أحبك، كما لم أحب سيدة قبلك أو بعدك، عل المراد يراد به أروحا لن تفرقها نزوات، فكلما أخطأت عادت منحنية مكسورة، تجمع ما سقط من أوراق خضراء قبل أن تَيَبَّس ويسهل على أقل ريح حملها.

ما أجمل "البدو" في مشاعرهم خليط بين بيئتهم الدافئة، كدفء لقائهم، دون حاجب أو عائق وكأنك تجوب بناظريك أرضا لم يعبث بها بشر ولم تمتد لها يد عابث، على فطرتها "محجة بيضاء".

جمال أرواحهم  "كزهرة الصحراء" أو كما تسمى زهرة المساء فهي تعشق القمر والليل، وتغلق في الصباح ذاهبة بعيدًا عن الشمس وحرارتها.

ختامًا.. يُقال الرجل "تكسره" الكلمة، والمرأة "يكسرها" الفعل.

********

ومضة:

الخطأ سنة كونية، والاعتذار واجب حتمي، وما بينها مسيرة أخلاق.

********

يقول الأحمد:

بعض السذج يظن أنَّ "البداوة" قد تكون "سُبَّة"، ثم يسرد لك تاريخ حضارة بائدة، لم يعد يرى منها إلا النقوش والحجارة، فهنيئًا لهم بالماضي، ونحمد الله كثيرًا على حاضرنا.