عزيزي المواطن!

 

سالم بن نجيم البادي

 

عزيزي المُواطن.. أنت تعلم أنك مواطن عادي ولست صاحب سلطة ولا نفوذ، ولذلك عليك التسليم والإذعان، إن فُرضت عليك الإتاوة والضرائب وأنت عائد إلى بلدك والتي فرضت ثم ألغيت، وأنت لا تدري لماذا فرضت ولماذا أُلغيت وأين ذهبت ومن فرضها؟ تُريد فقط توضيحا شفافًا.. عزيزي المواطن: ما هذا الفضول الذي أبتليت به؟! يعني لازم تعرف كل شيء؟!

عزيزي المواطن الذي يطالب بترقياته المتأخرة ويطالب بالمساواة والعدالة قبل أن يطبق نظام التقييم الجديد عليك بالصبر الجميل وما فات مات وخيرها في غيرها و"غوازي ماشي"..

عزيزي المواطن الذي أجبر على التقاعد لأنه أكمل 30 سنة إياك ثم إياك أن تغار من أقرانك الذين أكملوا 30 سنة وأكثر وما يزالون على رأس عملهم، حتى لو كانوا في نفس وظيفتك، وفي ذات المؤسسة التي كنت فيها، ذلك نصيبك، لقد قضي الأمر عزيزي المواطن المتقاعد فلا تقارن بين المزايا التي يحصل عليها المتقاعد في بعض الدول من العناية والاهتمام والتقدير وخدمات مجانية وراتب جيد والاستفادة من خبرته والسماح له بالعمل إذا رغب في ذلك، وأنت مهمشٌ ومنسي وراتبك زهيد!

عزيزي المواطن الذي يسكن في قرية نائية لم يصل إليها بعد الشارع المُعبد وتعاني من ضعف الإنترنت، وأن الماء الذي يوزع على البيوت بواسطة التناكر لا يكفي، وأنت تتحسر عندما ترى خدمات القرى الأخرى مكتملة، فلا تستعجل أنت صابر منذ 50 سنة، فواصل الصبر "الخير جاي"!

عزيزي المواطن المُتبرِّم من طول المواعيد في المستشفيات، كفْ عن التبرم و"إذا ما عاجبنك سافر" لا أحد يمنعك من السفر طلبا للعلاج في الخارج، أو "إذا تعرف حد خليه يقرب لك الموعد"!!

عزيزي المواطن، إذا ذهبت إلى بعض المستشفيات الحكومية لا تشتكي من سوء التشخيص ولا من تعالي بعض الأطباء، والذين يفترضون فيك عدم الفهم حتى حين تكلم الطبيب، لا ينظر إليك ولا يرد عليك، فاستسلم.. لا تناقش.. لا تجادل.. "أنت شو دراك بالطب؟".

عزيزي المواطن لقد صارت الضريبة بعبعًا يقض مضجعك، ويلاحقك أينما ذهبت، ويأتيك على صورة كوابيس مخيفة في الليل، واعلم أن التاجر سوف يخبرك بسعر السلعة ثم يذكرك بالضريبة في كل مرة، كي لا تنسى، وعليك أن تتأقلم مع الوضع.

عزيزي المواطن.. لماذا هذا الخوف والقلق من قانون الأراضي وقانون العمل وقانون التقاعد، دعْ عنك هذه المخاوف، فمن وضعوا هذه القوانين أعلم وأدرى منك بمصلحتك، لذلك لم يأخذوا رأيك، ولم يعرضوها على عضو مجلس الشورى الذي انتخبته ليمثلك، ولم يطرحوها لنقاش مجتمعي مطول، وأيضًا على النخب وأهل الخبرة والثقافة والاختصاص.. وأتوسل إليك عزيزي المواطن لا تذكر الجمعيات المهنية (النقابات) ومؤسسات المجتمع المدني.

عزيزي المواطن.. لا تجزع إذا حاولت ألف مرة أن تتصل بمسؤول كبير ولم يرد عليك، جدْ له الأعذار، فهو مشغول و"ما فاضي" وأنت لحوح أكثر من اللازم.

عزيزي المواطن.. إذا ذهبت لقضاء حاجة أو إنجاز معاملة في جهة ما وأنت أشعث أغبر غير مُهتم بمظهرك وغير أنيق في ملابسك، فلا تلوم إلا نفسك إن لم تجد الاهتمام وأنت لا تجيد الكلام المعسول ولا تتقن فن المجاملة ولا النفاق ولا تعرف أحدًا ليسهل أمورك.

عزيزي المواطن.. إن غردت أو كتبت أو قلت رأيًا بحسن نية، لا تريد غير مصلحة الوطن والمواطن، فلا تحزن إن لم تجد من يهتم برأيك، وتذكر أن غيرك أكثر فهماً منك وأن المسوؤل الكبير يعرف ما لا تعرفه أنت.

عزيزي المواطن.. أنت تسمع كلامًا كثيرًا عن الفساد والهدر المالي والمناقصات الحكومية ذات المبالغ المالية الخرافية، كل ذلك حدث في الماضي، فلا تحاول نبش "عش الدبور" الآن، ولا تطالب بمحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة، واصمت عزيزي المواطن الباحث عن عمل أنت مزعج وتسبب صداعًا للمسؤولين في الوزارات ذات الاختصاص، أنت لست وحدك، هناك الآلاف مثلك، فانتظر ولا تستعجل.

عزيزي المُسرَّح من العمل، توقف عن البكاء والشكوى، وقد أخبروك أن هذا حال الشركات في القطاع الخاص إن خسرت أو أنجزت المشاريع المسندة إليها، فإنَّ مصيرك التسريح!

عزيزي المواطن.. أنت تنتظر فرحة بعد كل هذه القرارات والظروف الراهنة، فلا تيأس، وانظر إلى النور الذي يلوح في نهاية النفق..

عزيزي المواطن هذه نصائح ضحي إليك.. هل فهمت؟!