التسريح ووزارة العمل والبنوك الإسلامية

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

(1)

لم تكن تغريدات وزارة العمل حول تشغيل عدد من المُواطنين وتصوير انفعالاتهم ونشرها مُناسبة، لا أخلاقيًا، ولا مهنيًا؛ فالعمل حق مكتسب لكل مواطن، وليس هبة تُعطى، كما إنَّ الوزارة ليست جهة توظيف- كما قال أحد مسؤوليها؛ بل هي جهة تنسيق كما أرادت أن يكون دورها.

فلا تزايدوا على حقوق المواطن في وطنه.

(2)

أصبح ملف التعمين مثل الكيس المثقوب، فما أن يتم تعيين عدة أفراد- أكثرهم بعقود مُؤقتة- حتى نسمع عن الاستغناء عن عشرات من العاملين في القطاع الخاص، وأقرب مثال هو تسريح عدد من المواطنين من إحدى الشركات الكبيرة قبل فترة، وهي بالطبع ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. وهنا يأتي دور وزارة العمل لتعيد الأمور لنصابها، وتنتصر لمواطنيها، وبالتالي يحق لها في هذا "الموقف البطولي" أن تنشر مئات التغريدات، وسنُصفق لها، ونهتف لها حتى تمل.

(3)

نتفهم أحياناً وضع بعض المؤسسات والشركات التي تُواجه ثالوث الإفلاس: (كورونا، الضرائب، ظروف التنافس العالمية)، ولكن ما لا نفهمه أنَّ بعض الشركات التي تحقق أرباحًا تقوم بإنهاء خدمات موظفيها، بحجة التقليل من النفقات أو تغيير استراتيجية عملها، فتزيد الضغوط على الدولة، وتخلق جوا اجتماعياً مشحونا بين الحكومة والمواطن.

أعتقد أنه على القطاع الخاص أن ينظر إلى تبعات التسريح أبعد مما ينظر إلى ما دون أنفه.

(4)

أثبت القطاع الخاص أنه الحلقة الأضعف في قطاع العمل، فهو بكل بساطة لا يوفّر الضمان الوظيفي والاجتماعي للموظف، فبجرّة قلم يمكن للمدير العام، أو رئيس مجلس الإدارة "إنهاء حياة" مُواطن دون اكتراث لتبعات ذلك.

نحتاج إلى المزيد من القوانين الضامنة لحقوق موظفي القطاع الخاص، ولمظلة "ضمان اجتماعي" فاعلة وقوية، لتكون بديلًا حقيقيًا عن العمل الحكومي، ويكون عنصرًا محفزًا في منظومة العمل العامة.

(5)

ما تقوم به الجمعيات التطوعية والخيرية يفوق قدرتها؛ بل ويفوق أحيانًا ما تُقدمه "بنود الحالات الطارئة" في المؤسسة الحكومية، رغم الضغوط المالية والإدارية والمؤسسية التي تمر بها هذه الجمعيات، فلها كل الشكر على سرعة استجابتها لتحولات المجتمع، وللحالات الصعبة التي أصبحت أكثر من اعتيادية، والتي لا تلتفت إليها الحكومة، مثل: تفريج الكرب عن الأسر المعوزة، وفك كربة السجناء المدانين في قضايا مالية، وغيرها من قضايا مجتمعية عاجلة.

(5)

في كل هذه الظروف التي تمرُ بها الدولة، أتساءل: أين دور ما يسمى بـ"البنوك الإسلامية"؟ هذه البنوك التي تشتري وتبيع، وترهن، وتتملّك حسب تعاليم الشريعة، وتسترجع أموالها أضعاف ما أقرضت، ألم يمر عليها في "فقه المُعاملات" ما يُسمّى بـ"القرض الحسن"؟ أليس هذا وقت إثبات مدى التزامها بفك كرب المُعسرين، وتقوم بمد يد العون للحالات التي جار عليها الزمن، عن طريق إقراض "من تنطبق عليهم الشروط" قرضًا حسنًا، وتجنبهم الدخول في متاهة "القروض الربوية"، وتقدم ولو القليل من رسالتها المجتمعية، أم أن دورها الإسلامي يبقى في حدود البيع والشراء و"الربح الحسن" فقط؟.

(6)

الوطن ليس مجرد قطعة أرض نموت على ترابه؛ بل هو قطعة أرض "نحيا" به وعليه.