"هذا ملعب ولّا صحن حمص؟!"

 

أحمد السلماني

تغريدة تهكمية وساخرة صدرت من شقيق سعودي قبل مُباراة الأحمر مع الأخضر وصف بها صورة علوية لمجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر وأنقلها كما هي "هذا ملعب والا صحن حمص"، عبارة تأملتها كثيرًا وبتعّمق شديد، وقد بلغت مني وآخرين مبلغًا من حيث وقع الكلام ومنتهاه والجرح الغائر الذي سببه..

قالها ومضى، ورغم حدّتها، إلا أننا لا نملك إلا أن نقول له شكرا لأنك أهديتنا حقيقة أنكرها الكثير من المسؤولين على مدى عقد ونيف، ولا زلنا نتذكر تصريح أحدهم حين قال "غير معقول تشييد إستاد كرة قدم لبطولة نستضيفها كل 12 عامًا"، منطق وفكر ضيّق ومحدود دفعت وتدفع ثمنه البلاد في كل مرة تستضيف فيها أحداثًا رياضية؛ سواء من الهيئات الدولية الرياضية واشتراطاتها، أو من ساخر ومُتهكم من العوام. الشاهد أننا ما عدنا نحتمل هكذا سخريات!

مجمع السلطان قابوس الرياضي، منشأة رياضية مُتكاملة لعديد الرياضات وليس كرة القدم فقط، كما إن به كل ما يحتاجه الرياضيون من المرافق والصالات، وبالتالي أدعو صاحب التغريدة لزيارة السلطنة، وسوف يرى بأم عينيه تفاصيل هذا الصرح الرياضي، وكيف يخدم قطاع الرياضة بشتى تفاصيله، ولا يمكن بأيِّ حال من الأحوال مُقارنته بإستادات كرة القدم؛ إذ إنَّ سياسة السلطنة في خدمة هذا القطاع تتمثل في النظرة العامة للرياضات ككل، وبالتالي فإنَّ 10 نسخ أخرى حديثة من المجمعات الرياضية تنتشر في مختلف محافظات السلطنة لخدمة 44 ناديًا وقاعدة كبيرة من الرياضيين، والتي هي الأخرى لديها منشآتها الخاصة، والتي علينا أن نقّر بأنها كانت وما زالت لم تلبِ الطموح، فضلاً عن 1300 فريق أهلي لدى الكثير منها منشأتها الأساسية ولا يوجد لها مثيل في المنطقة أو العالم.

لكن في المُقابل، هذه المجمعات ومنشآت الأندية الحديثة تم تشييدها بأنماط تقليدية، لا تتناسب وروح العصر رغم كلفتها العالية، وكان بالإمكان تشييد حتى مجمعات رياضية مصغرة بالأندية ولا تتجاوز كلفة المكرمة السامية في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيّب الله ثراه- وقد كان لي أن اطلعت على مادة وثائقية لمنشآت رياضية متكاملة بتمويل من الاتحاد الدولي لكرة القدم لكل من مملكة المغرب وفيتنام بقيمة 3 ملايين دولار أمريكي فقط!

36 عامًا مرّت على افتتاح مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر، عشناها ما بين فرح بانتصار وحزن على خسارة، وقد آن الأوان للتفكير جديًا في تحقيق رغبة الرياضيين وجماهير كرة القدم العريضة بالسلطنة في تشييد إستاد كرة قدم عالمي بمواصفات حديثة، وذلك من خلال الوقوف على نماذج قريبة منا، خاصة تلك الموجودة في قطر الشقيقة حاليًا، واختيار أفضلها لتشييده خارج العاصمة مسقط، أو قريبًا منها، وفق أعلى المعايير المطلوبة وبتمويل تشترك فيه الحكومة مع القطاع الخاص، خاصة تلك الشركات الكبرى المتخمة من الأرباح المتنامية كل عام في كشوفاتها الحسابية المُعلنة وما خفي كان أعظم!

لذا أعتقد جازمًا أن سياسة وأنماط تشييد منشآتنا الرياضية بالسلطنة تحتاج إلى إعادة نظر للخروج بأنماط جديدة ومنشآت تتلاءم وروح العصر، تعتمد التكنولوجيا والتقنية في انسيابية دخول وخروج الحشود الجماهيرية، وتجنبنا للكثير من الإخفاقات والسلبيات التي تصاحب تنظيم البطولات والمباريات.. وما مباراة الأحمر والأخضر عنَّا ببعيد!