أما آن أن تلعب ميرال؟!

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledAlgailani

الأطفال هبة الله تعالى لعباده، وهم إحدى ركائز المحبة والمودة بين النَّاس، وأساس تكوين الأسر، وهدف من أهداف الحياة بين العباد، وجودهم يروي ظمأ النفس، ويبعث البهجة، ويدعو الإنسان في سبيل الوفاء بحقوقهم ورعايتهم لبذل الغالي والنفيس، نعمة مغبون عليها كثير من الناس، وبهم يرحم الله تعالى عباده ويدفع عنهم الشر وسوء المنقلب.

تكفي تلك البسمة الرائعة والدافئة منذ المهد لتبعث فينا حياة وجمالاً وسعادة، لا يمكن وصفها، ولا تحسن الكلمات التعبير عنها، ويبقى الأطفال رونق الحياة الخاص الذي لا يُمكن الاستغناء عنه، ونعمة عظيمة من نعم الله تعالى تستوجب الحفظ والصون والاهتمام والرعاية.

لأن يُضرب الواحد منِّا بسيف أهون عليه من أن تشوك ولده شوكة، كيف لا؟ وهم قطعة من الروح والقلب، وزينة في هذه الحياة الدنيا، وبستان أمتلأ زهورا ورياحينا، وفاح فلاً وياسمينا، نراهم يكبرون شئيا فشيئا، فتكبر معهم محبة أبدية وعشق أزلي، وتعظم معهم أحلامنا بأن نراهم حيثما نرجو ونتمنى، يسيرون بثقة وثبات في سلالم المجد، ودرب العلو، وطريق الرفعة، ليكون لهم شأن عظيم في سبيل بناء الأوطان، ورفعة بنيان العز والأمان.

لكن حكمة الأقدار شاءت ألا تكون ميرال كغيرها من بني سنها، ولا اعتراض على أمر الله تعالى وقضائه، فنحن المؤمنين برحمته وفضله ومنته، مؤمنون بجميل صنعه، وحسن تدبيره، مؤمنون بأمره ثم بلطفه جل جلاله. شاءت حكمة الأقدار أن تظل تلك الابتسامة الرقيقة، وتلك البراءة الرائعة الجميلة، وذاك المحيا الذي يحمل عنفوانا وجمالا ورقة، أن تكون حبيسة جهاز يُلازمها ليلا ونهارا، فلا مفر منه، ولا سبيل للاستغناء عنه، تحمله معها كأنه قطعة حلوى، أو دمية تكبر معها ومع أحلامها، كأنه فستان عيد تلبسه أو رشة من (مكياج) والدتها تلعب به كغيرها من الجميلات الفاتنات الساحرات في يوم عيد وفرح وسرور.

ميرال تلك البنت الغالية علينا جميعاً والتي لا أعلم ابنة من تكون وأين تسكن ومن أهلها، تلك البنت صاحبة النظرة الحانية، والقلب الرقيق، والجسم النحيل، التي ومنذ فترة تزيد على الأشهر ومواقع التواصل تتحدث عن حالها ووضعها وظرفها الصحي الطارئ، هذه الطفلة ليست ابنة أهلها فحسب؛ بل ابنة كل عُماني وعمانية، وأخت لكل أولادنا وبناتنا، نستشعر محبتها، وألمها، وحزنها، ورغبتها في اللعب والركض، في إتلاف هذا وإصلاح ذاك، في لبس هذا وترك ذاك، في مُعانقة دميتها، وتجربة ملابس عيدها.

اليوم لم تعد ميرال مسؤولية أهلها؛ بل مسؤولية الجميع وأمانة الجميع، سواء كنّا مؤسسات رسمية أو أهلية، أو أفرادا، ماذا نجيب يوم الموقف العظيم حينما تقف ميرال شاكية باكية بين يدي قيوم السماوات والأرض، فيأتي السؤال ماذا قدمتم لميرال، وهي فلذة أكبادكم يا أهل عُمان؟ ما كان سعيكم لعلاجها وتخفيف ألمها والعمل على ذلك؟ أكان اقتناء السيارات الفارهة والقصور العالية والاهتمام بكماليات الحياة أهم وأجدى؟ أتكون سفرة صيفية لمنتجع ساحلي أو كوخ جبلي أو بحيرة هانئة أهم وأجدى؟ أو ليس أن تكون سبباً في حياة الإنسان خير من الدنيا وما فيها؟

دعوةً صادقة أقدمُها عبر هذه المقالة إلى كل قلب محبٍ، ويدٍ حانية، ونفسٍ مُؤمنة، إلى أهل النخوة والنجدة، إلى أهل هذا البلد الطيب المُبارك، إلى أهل التكافل والتعاون والتعاضد، إلى الراغبين في رحمة الله تعالى، وجنة عرضها السموات والأرض، إلى الدافعين عن أنفسهم وأهليهم تقلبات الزمان ونكبات الأيام، إلى المؤسسة الرسمية، ورجل الأعمال، والقطاع الخاص، واللجان والجمعيات الخيرية، إلى أبناء وطني أهل الفزعة وتلبية النداء، إليكم جميعاً أقول: ميرال ترغب في اللعب، ميرال ترغب في الذهاب لمدرستها، ميرال ترغب في زيادة أجوركم وخيركم، ميرال سبيل لطاعة ربكم، ميرال مناط رحمة الله تعالى بكم، ميرال ابنتكم وشقيقة أولادكم، ميرال اختبار لأخلاقكم وحسن صنيعكم؛ ميرال غاية نسمو بها فوق أطماع الحياة الدنيا، ميرال وردة رائعة وزهرة يانعة أرووها بماء عيونكم، ولا تنسوا الفضل بينكم، ميرال تنتظركم فهل من مجيب.