تقييم الأداء بين الشكلية والمأمول

 

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

أصبح الكثير من المُوظفين وحتى المسؤولين ينظرون لاستمارة تقييم الأداء للموظفين على أنها مجرد إجراء شكلي لا ينتظر منه أي تغير في رفع الأداء ومكافاة المتميزين ومعالجة أوجه القصور الوظيفي من خلال التأهيل والتدريب فقط لموضوع العلاوة الدورية بحيث تمر هذه الاستمارة مرور الكرام دون الاكتراث بالتبعات المترتبة على نتائجها وبالتالي عدم النظر إليها كمؤشر هام يلعب دورا محوريا في مسيرة الموظف ويحفزه على الاستمرار في تقديم الأفضل بالنسبة للمتميزين، والخوف من التبعات المترتبة عليها فيمن أخفق في تحقيق الأداء المنتظر منه، والأهداف المرسومة وفق مهام واختصاصات عمله.

وبالتالي يدور تساؤل مهم: أين الجهات المختصة؟ وأين دور الإدارة العليا في إعطاء مزيد من الصلاحيات للجهة المعنية بالموارد البشرية من أجل إعطاء ثقل وأهمية للتقييم الوظيفي ويكون الجزاء على حسب الأداء؟ وليس فقط كما أشرنا استمارة تمر مرور الكرام دون أي متابعة أو تقييم للمخرجات التي من المفترض أن تكون وفق مؤشرات واضحة وعادلة لا تخضع للتحيز الشخصي وتتسم بسهولة معرفة مكامن الخلل وتعالجه وتحفز الكفاءات الوظيفية بشكل عادل ومستحق وليس مزيدا من عدم الرضا الوظيفي.

إن تقييم الأداء الوظيفي اختصاص أصيل للموارد البشرية في كل جهة ومن المفترض أن يتم وضع معايير علمية ذات مؤشرات قياس أداء تتواكب مع المهام الوظيفية لكل قطاع وموظف وإعطاء الصلاحيات والأدوات للقائمين المتخصصين والمؤهلين من أصحاب الكفاءات العاملين في تلك الدوائر المهمة التي من المفترض أن تلعب دورا مهما في المحافظة على الكفاءات الوظيفية وغرس الولاء والرضا الوظيفي المبني على أسس عادلة وواضحة وشفافة تكافي المجتهد وتحاسب المستهتر ولا يكون للاختيارات الشخصية والشللية الوظيفية أي دور في هذا التقييم مما يُحقق رضا تاما واقتناعا داخليا بأهمية وعدالة ودور التقييم الوظيفي السنوي الذي من المفترض أن تخصص له الموارد البشرية المتخصصة والاعتمادات المالية التي تزيد من مؤشرات الأداء والرضا للخدمات التي تقدمها مختلف الجهات وتحافظ على الكفاءات الوظيفية الموجودة فيها وتسرع من عملية التنافس الشريف بين زملاء العمل لإنجاز المهام والأهداف بكل كفاءة واقتدار.

هنا لا يرتبط الموضوع بالأمانة الوظيفية وأهمية إنجاز العمل بغض النظر عن تفييم وردة فعل الإدارة العليا تجاه مواردها وثرواتها البشرية فهو سلوك شخصي نابع من قناعات الموظف ولكن نتمنى في قادم الوقت أن يكون للتقييم الوظيفي تاثير وحافز واقعي من خلال وجود موارد مالية يكون لها دور في إعطاء تحفيز للتميز الوظيفي فسنوات من توقف الترقيات من المفترض أن يتم إيجاد حلول وبدائل تسهم في تقديم حوافز معنوية ومالية بناءً على مؤشرات قياس علمية وواقعية وعادلة بإمكان الجميع الاطلاع عليها ومناقشتها والاعتراض في حال عدم الاقتناع بنتائجها بدلاً من منظور التعميم في الأداء على كافة الموظفين المجتهد والمخلص وغير المهتم والمستهتر بحيث للأسف تولد انطباعا سلبيا قد ينعكس على أداء الموظف طالما لم يجد التقدير المستحق ويتم مساواته بغير المنجز ومع مرور الوقت تزيد هذه التراكمات وتتحول من طاقة إيجابية تنثر الإبداع والتميز والإنجاز إلى طاقة سلبية غير متحمسة للعمل وتبحث دائمًا عن الأعذار لعدم الإنجاز بسبب غياب العدالة الوظيفية والتقييم الشفاف المرتبط بأدوات محفزة مطبقة على أرض الواقع.

ختامًا.. إن استمرار حالة عدم وجود حوافز تحافظ على الكفاءات الوظيفية المتميزة لمدة طويلة سيلعب دورا سلبيا في هجرة تلك الكفاءات لقطاعات أخرى ويقلل من جودة الأداء وانسيابية وسلاسة العمل لغياب أولا الكفاءات في الإدارات المختصة بالموارد البشرية وعدم استخدامها للتقنيات الحديثة في مجال عملها والأهم من ذلك عدم إعطائها الأدوات الممكنة والصلاحيات من قبل الإدارة العليا لتحقيق الأهداف المختلفة بكل كفاءة والمحافظة على ثروتها المتمثلة في موظفيها المتميزين ومعالجة أوجه القصور والخلل بشكل علمي وشفاف يتسم بالتغذية العكسية الراجعة والمتابعة للتغير الحاصل في الإجراءات والأدوات المستخدمة لرفع كفاءة العمل في تلك المؤسسات والتخلص نهائيا من سياسة الوعود والتصريحات غير المنفذة لاحقاً وبشكل مستمر مما يولد احتقاناً لدى الموظفين تجاه المسؤولين بسبب ما يشاهدونه في الواقع من تناقض بين تلك التصريحات والوعود وما هو موجود ويتم معايشته والاهتمام أولاً برفع الرضا لدى البيئة الداخلية لتلك الجهات قبل البيئة الخارجية.

"لا شيء يقتل الكفاءة الإدارية مثل تحول أصحاب الشلة إلى زملاء عمل" د. غازي القصيبي.