جمعية الصداقة العمانية الكويتية

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

"ما مات الله يرحمه (السلطان قابوس).. وأنتم موجودون" الشيخ صباح الأحمد رحمه الله.

طالعتنا الأخبار الرسمية بقرار أصدره معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية، قرار وزاري رقم 103/ 2021 بإشهار جمعية الصداقة العمانية الكويتية.

ونصت المادة الأولى من القرار بإشهار جمعية الصداقة العُمانية الكويتية، وتقييد نظامها الأساسي في السجل المُعد لهذا الغرض في الوزارة، فيما نصَّت المادة الثانية من القرار بنشره في الجريدة الرسمية، والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، والقرار يأتي استنادًا إلى قانون تنظيم وزارة الخارجية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 32/ 2008، وإلي لائحة جمعيات الصداقة العمانية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 341/ 2007.

الحقيقة أنه لا جمعية واحدة ولا ألف جمعية صداقة تكفي لتبيان المحبة والأخوة والصداقة بين عمان والكويت؛ فالعلاقات منذ أكثر من قرن من الزمان، وهي أساساً علاقات شعبية متأصلة قبل ظهور الطابع الرسمي، نظرا للعلاقة الفريدة التي تربط البلدين شعبيا ورسميا، والمصير المشترك النابع من الرؤية الخالصة المخلصة تجاه الطرف الآخر هو محرك ديمومة هذه العلاقة الناجحة والناجعة على مر الأجيال.

أي قارئ أو متتبع لتاريخ العلاقة بين الكويت وعمان سيعرف أن التاريخ قديم ويرجع إلى أزمنة خوض أهل الكويت عباب البحور والخلجان من أجل التجارة والمرور على عدة موانئ خليجية وفي ساحل شرق أفريقيا والقارة الهندية، كذلك معروف أن الكويت كانت من الدول الحاضنة للعُمانيين للعمل فيها قبل فترة حكم السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- وكذلك في السنوات الأولى من حكمه، وما تزال العلاقات الشعبية الوطيدة متأصلة وراسخة كما الرسمية.

عندما بدأت التحضير لهذا المقال قرأت أن: علاقة الشيخ مبارك الصباح بعُمان كانت قوية جداً، وكان يستورد السلاح للكويت عن طريقها، إضافة إلى ذلك فإنّه يقدر سلطان عمان في وقته السيد برغش، ولا يُريد لأحد ربابنة السفن أن يتجاوز ما يقرره السلطان في بلده، ولذلك فإنَّ الشيخ مبارك تلقى طلب بعض الربابنة الكويتيين الذين قالوا له: إننا نلتمس السماح لنا بنقل أي حمولات تتاح من مسقط إلى الباطنة أو صحار من عُمان، فقال لهم: "إنه لا مانع بشرط أن يكتب لكم السيد برغش (سلطان عُمان آنذاك) ورقة يرخص لكم فيها بذلك، وأن تقوموا بعملكم علانية لا سراً" (1)

ولاينسى الكويتيون موقف السلطنة إبان الغزو العراقي الغاشم، وقد أصدر مجلس الوزراء الكويتي بيانًا عند وفاة السلطان قابوس، مما جاء فيه: "... وفي هذا الصدد فإنَّ مجلس الوزراء يستذكر بكل العرفان والتقدير دور سلطنة عُمان الشقيقة بقيادة الفقيد الكبير ووقفتها الشجاعة في رفض العدوان الآثم الذي تعرضت له دولة الكويت على يد النظام البائد في العراق والوقوف بكل قوة لدعم الحق الكويتي".

وفي الوقت الحاضر تُرجمت قوة العلاقات إلى تعاون اقتصادي مهم، مثلما حصل في الاستثمارات الكويتية في ميناء الدقم بالسلطنة؛ حيث تقوم الكويت بالاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، من خلال مصفاة الدقم ومجمع البتروكيماويات وتخزين النفط في رأس مركز، كذلك تملكت شركة الاتصالات العمانية "عمانتل" حصة مؤثرة في شركة زين للاتصالات بالكويت، وأعتقد أن المجال فيه متسع بالمستقبل لمزيد من التبادل الاستثماري والتجاري المشترك بين البلدين.

ومن الذكريات الجميلة لدى الشعبين الشقيقين أن أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد- رحمه الله- كان يقضي جل إجازاته في السلطنة بمنطقة الشويمية الساحلية المُطلة على بحر العرب؛ حيث يجد الراحة والهدوء والفطرة الطيبة لدى أهل القرى الساحلية، وكان يمارس هوايته المفضلة "الحداق" أي صيد السمك، وعلى أثر الشيخ صباح توافد الكثير من محبي الحداق الكويتيين إلى هذه المنطقة الهادئة، ويدل ذلك على الارتياح للبلاد وأريحية أهلها، والأمن والأمان.

وفي ديوان العرب أو الشعر الذي يجسد معاني المحبة والوفاء من شعب عمان للكويت وشعبها، قرأت أبياتا جميلة للشاعر العماني المميز عامر الحوسني، في قصيدته المعنونة "شموخ العز"، والتي غنيت وتم إهدائها للكويت:

ناداني المجد من صبح الكويت ولفيت

أطير الشوق وأهجع به.. وفا حالها

من داري عمان والسلطان واجد خذيت

أبسطها إني خذيت المجد من شالها

نزلت بأرضك وأنا شاعر صبحت ومسيت

أقبلك (أم) مشتاقة دفا (عيالها)

فأهلًا بجمعية الصداقة العمانية الكويتية؛ كثمرة للعلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين، وننتظر أن تكون واجهة مشرفة لترجمة المبادئ وعرى الأخوة والمحبة، وتساهم في تطوير العلاقات سيما الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وأتمنى أن تتولى إدارتها شخصيات تقدر الإرث الكبير المشترك للعلاقات بين البلدين، وآمل كذلك أن تركز على شعبية العلاقة أكثر من رسميتها التي لا تشوبها شائبة، لكن الحقيقة التواصل الثقافي والاجتماعي أقل من السياسي، ويحتاج ذلك تفعيلًا وجهدًا كبيرًا.