معية الله مع الذاكر

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

قد يتساوى الناس في حاجتهم المعيشية بيد أنه لا أحد يستطيع العيش بدونها، إلا أنهم لا يتساوون في ذكر الله والتمسك والاعتصام والانشغال به، وأقول ذلك لما أرى من ممارسات وأحداث يومية تحدث للناس، فمثلا حينما يستمر الإنسان على أذكار الصباح وقبل قد صلى الفجر جماعة حيث ينادى بها، يكون في حفظ من الله جل جلاله، مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: " من صلّى الفجر فهو في ذمّة الله" وهل هناك أفضل من أن يكون الإنسان في ذمة الرحمن وحمايته.

فالذي مثلاً عندما يُريد أن يتوجه بسيارته إلى أي مكان ويقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنَّا له مقرنين ويتبعه بدعاء السفر، فإن هذا الدعاء فيه استعانة بالله وحده لا شريك له، وطلب العون والحماية منه، وبالتالي فإن قائله سيكون في مأمن بإذن الله.

بعد ذلك عندما يتحرك الإنسان بسيارته أو دابته ويكون في ذكر الله كأن يستغفر الله جل جلاله طول الطريق أو يصلي على سيد الخلق أجمعين، أو يسبح الله فيقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أو سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أو يقول الحوقلة التي هي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، مع ترديد دعاء السفر كل حين، أي لا يكتفي بمرة واحدة فقط، ويستمر على ذلك حتى يصل مقصده.

فإن كان ديدن هذا الإنسان سيكون هكذا، فأنا أتوقع لن يحدث له مكروه مطلقاً بإذن الله، فالدعاء يرد القضاء كما ورد.

أما الذي سيكون في سفر وبمجرد يركب السيارة هو وأسرته، والأغاني تبدأ والرقص والزغاريد يملآن المكان، فإن هذه الفئة من الناس استعانت بالشيطان وليس بالله، وانشغلت بما أمرها به، ونسيت ما نادى به رب العزة والجلال ونبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

حقيقة استغرب من هذه الفئة من الناس إن كانوا أفرادا أو جماعات، كيف لهم أن يغفلوا عن ذكر الله طوال طريق سفرهم، وطلب النجاة والسلامة منه عز وجل.

فالذي متمسك بالله ومعتصم به لا يسلم من الابتلاءات والاعتراضات، فكيف بغيرهم من الناس البعيدين عن الله، ألا يخشى هؤلاء وعموم الغافلين والمعرضين عنه عز وجل، أنه لو نزل بهم غضب الله وأمره، فإنه لن يبقي منهم شيء، وأنه لن يتركهم على الحال والأحوال السيئة التي كانوا عليها.

إن أولئك الذين طول أسفارهم يتنقلون من أغنية إلى أغنية ومن ذنب إلى آخر، وفجأةً يحدث لهم لا قدر مكروه، أقول لهم تصرفكم كان خاطئا جدا.

فمن منِّا لا يريد أن يصل إلى وجهته سالما غانما معافى، ولكن ليس بالطريقة التي اعتمدتموها، فنصيحتي لمن ابتلي بسماع الأغاني التي هي مزمار الشيطان، أقول له هون على نفسك ارحمها يرحمك الله، فلا يغرنك حلم الله وإمهاله لك، ولا تتخذ عدو الله لك صاحبًا في سفرك وفي حلك وترحالك.

قد يقول إنسان بأنه أنا دائماً في سفري أشغل أغاني واستمع لها ولم يحدث لي شيء، وهنا فإني أقول له، إن الله أمهلك كثيرا ولم يهملك أبدا، فنجاتك وسلامتك أو عدم وقوع أي حادث سير لك، لربما بسبب دعوة لك من أحدهم في ظهر الغيب لا تدري أنت عنها فحفظتك في سفرك.

إنه كثيرا ما نسمع عن وقوع حوادث سير في الأسفار ولربما يُعزى ذلك إلى عدم الانشغال بذكر الله في السيارةً طول الطريق، فذكر الله فيه سكينة وطمأنينة وحفظ وهدوء.

فالذي سيكون مشغولا بذكر الله جل جلاله ستكون معية الله معه وحاضرة، وسيكون اليقين على الله تبارك وتعالى بأنه الحافظ لي أو لنا، متوقد وفي أعلى مستوياته.

أيها الأخ الحبيب اطلب الحفظ في السفر أو غيره من الله جل جلاله، وانشغل بترديد ذلك حتى تصل وجهتك، فأنت عليك أن تأخذ بالأسباب، ناهيك عن أن الملائكة يكونون شهود الأوقات التي يذكر فيها الله جل وجلاله، فلو لا قدر الله وقع حادث سير أو أية حادثة وصاحبها أو أصحابها كانوا مشغولين بذكر الله، فإنَّ الخسائر والإصابات لن تكون في الأرواح، وأن حدثت فإنها ستكون بسيطة وهينة.

أيها الحبيب الله الله في أنفسكم، وكونوا مع الله يكن معكم، وعلينا أن يكون لدينا يقين على ذات الله بأنه هو الحافظ، وعلينا أن نطلب منه تبارك في علاه دائماً وأبداً الحفظ والسلامة.

ولا تنسى عزيزي القارئ حينما تبدأ بالتحرك بسيارتك أن تقول: " بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وكرر ذلك كل حين، فسترى كيف الله جل جلاله سيحفظك، وختامًا حفظ الله الجميع من أي مكروه.

تعليق عبر الفيس بوك