ناصر بن سلطان العموري
تعج مواقع التواصل بفخاخ لا حصر لها ففيها الطالح أراه أرجح من الصالح مصدرها قلوب ضعيفة ونفوس مريضة ودسائس مكيدة تستهدف الفئات العمرية المختلفة لتعبث في مكنوناتها وأخلاقها؛ بل ومعتقداتها وأمنها وأمانها فالله المُستعان.
فهناك الكثير من الاحتيال والابتزاز والترويج الإلكتروني للمخدرات بل أصبحت منصة لترويج المثلية والجنس أعزكم الله وانتشرت في الآونة الأخير وبكثرة ظاهرة المسابقات ذات جوائز مريبة في مصدرها ما بين هدايا عينية ومبالغ مالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح الهدف واضحاً وهو كسب عدد كبير من المتابعين لصاحب الحساب ممن عمل المسابقة أو للرعاة أنفسهم إن كانوا رعاة واقعيين في الأساس وإن كان أصلا صاحب الحساب موثق وغير وهمي ومع ازدياد وتوسع رقعة ظاهرة هذه المسابقات المشبوهة والجوائز الوهمية حان الوقت للتصدي لهذه الظاهرة بكافة السبل والأشكال سواء أكان من ناحية قانونية أو من ناحية رقابية تنفيذية.
وعلى المستوى المجتمعي تصدى بعض النشطاء لهذه الظاهرة في إبراز الوجه السلبي لها والتحذير منها لرواد مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما القُصَّر منهم من خلال ظهور هاشتاج (#ماتقسوا_علينا) ووجهوا من خلاله مناشدة للجهات ذات العلاقة ومنها وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات وشرطة عمان السلطانية ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للحد من هذه الظواهر السلبية وسوف نأتي تبعاً للدور المناط بكل من هذه الجهات.
طبيعة الأشخاص في برامج التواصل غير واضحة المعالم فلا يمكن الحكم على أعمارهم ولا أسمائهم ولا حتى جنسياتهم ومحل إقامتهم ومن الملاحظ أن مثل هذه المسابقات أصبحت كالموضة الدراجة وسبيلا سهلا لجني الأموال وتحقيق الأرباح من قبل المتابعين ونتيجة لما ظهر من تلاعب كانت النتيجة وقوع ضحايا كثر جراء هذه المسابقات؛ بل وأصبحت مواقع التواصل مليئة بها كما ونوعاً.
المطلوب الآن وضع آلية تنظيمية ورقابية تفعيلية من قبل الجهات ذات العلاقة كل بحسب دوره وإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا يكون هناك مزيدٌ من الضحايا يقعون فرائس مسابقات قد يسيل لها اللعاب من أموال وهدايا بل وحتى سيارات وهناك شواهد كثيرة على حالات تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: أن هناك من يستخدم عائلته لاستعطاف وجذب الناس للمشاركة في مثل هذه المسابقات الوهمية. وأحدهم تم ضبطه ولديه سبعة حسابات يوهم الناس بأنَّ هناك من ربح وهو في الحقيقة هو ذاك حسابه الآخر ويرد بتعليقات شكر وثناء بدعوى أنه الحساب الرابح، فيظن المتابع بأن هناك من ربح فعلاً. وآخر قدمت عليه شكوى هو وإحدى شركات القطاع الخاص لإيهام المتابعين بوجود سيارة كجائزة والحقيقة غير ذلك تمامًا.
وأخيرًا وليس آخرًا، يصور أحدهم وافدين وعمالة فقيرة محتاجة وهو يقدم لهم هدايا، ثم يسحبها منهم بعد التصوير غير آبهٍ بمشاعرهم وما سوف يسبب ذلك من شرخ في نفسياتهم.
ومن هنا يأتي دور المجتمع ككل في المساهمة بمكافحة هذه الظاهرة مع الجهات المختصة ذات العلاقة.
وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات دورها كبير هنا من خلال سن القوانين المشرعة والتي توفر الحماية لمرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ومنها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 12 /2011؛ حيث نص الفصل الرابع الخاص بالتزوير والاحتيال المعلوماتي في المادة رقم 12 على عقوبة كل من استخدم وسائل تقنية المعلومات في ارتكاب جريمة تزوير معلوماتي، وذلك بتغيير الحقيقية في البيانات أو المعلومات الإلكترونية بالإضافة أو الحذف أو الاستبدال بقصد استعمالها كبيانات أو معلومات إلكترونية صحيحة تكون مقبولة قانونا في نظام معلوماتي ما من شأنه تحقيق منفعة لنفسه أو لغيره أو إلحاق ضرر بالغير وذلك من خلال العقوبات الرادعة المشار إليها في نص نفس القانون. كما جاءت المادة رقم (349) في قانون الجزاء العماني لتنص على الآتي "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن 100 ريال عماني، ولا تزيد على 300 ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل من الغير على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدى طرق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة وتشدد العقوبة على ألا تجاوز الضعف إذا وقع فعل الاحتيال على شخص دون الثامنة عشرة من عمره أو على بالغ لا يملك كامل قواه المميزة".
وهناك أيضًا دور لشرطة عمان السلطانية فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية في ضبط ومتابعة جرائم الاحتيال والابتزاز بأنواعها التي تقع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما تلكم التي تمس مجتمعنا وتُهدد قيم الأمانة والنزاهة التي يتميز بها.
كذلك هناك دور لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لا يقل أهمية يتعلق بالإشراف والمتابعة كونها مشرفة على قطاع التجارة الإلكترونية وهي من المفروض من ترخص لمثل هذه المسابقات التي تحصل ضمن مواقع التواصل الاجتماعي والأمر نفسه سيان للإعلانات التي تروج لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
إجمالًا.. نحن هنا لسنا ضد تنفيذ المسابقات عبر الفضاء الإلكتروني في مواقع التواصل طالما أنها مرخصة من الجهات ذات العلاقة ومسابقات ذات مصداقية سواء من ناحية منفذيها أو الهدف منها. كما أتمنى من الجهات المشرعة بالدولة ضرورة تحديث المرسوم السلطاني رقم 12/2011 والخاص بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ليتناسب مع الوضع الراهن فيما يتعلق بتطور التكنولوجيا والتقنية الحاصلة فالعالم أصبح يشهد كل حين الجديد في مجال التقنية وكل ما يتصل به فهذا القطاع واعد ومتطور، ومن هنا جاءت الأهمية بما كان ضرورة أن تتواكب القوانين الموضوعة مع هذا التطور.