مؤشرات إيجابية

◄ مسار التعافي من الجائحة يتعزز مع زيادة معدلات التطعيم

◄ توفير آلاف الوظائف دليل على الإجراءات الناجعة

◄ نمو واعد للقطاع السياحي مع زيادة الاستثمارات

حاتم الطائي

الأيام القليلة الماضية كشفت عن عددٍ من التطورات الإيجابية على ساحتنا الوطنية، في مُقدمتها ترؤس حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- اجتماعاً للجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا؛ حيث تمخض الاجتماع عن جملة من النقاط تؤكد أننا ماضون على الطريق الصحيح نحو التعافي من تداعيات جائحة كورونا.

الاجتماع شهد التوجيه السامي للجنة باتخاذ التدابير المناسبة للتعامل مع الجائحة خلال الفترة المُقبلة، وقد ترجمت اللجنة ذلك في اليوم التالي للاجتماع، حيث أصدرت عدة قرارات، تتعلق بإنهاء الإغلاق المسائي ومنع الحركة، والتطعيم والسفر والدراسة، وجميعها تؤكد أنَّه آن الأوان للعمل المُتواصل دون انقطاع أو نقصان أو في ظل الظروف السابقة، وأن الحاصلين على التطعيم سيكونون مُؤهلين لدخول مختلف المؤسسات العامة والخاصة، فضلاً عن اشتراط تلقي جرعتين من اللقاح لدخول السلطنة مع بدء تطبيق القرارات.

هنا نستطيع أن نرى شعاع النور يقترب مع تواصل جهود مُختلف مؤسسات الدولة لتحقيق التعافي والعودة التدريجية والحذرة إلى الحياة الطبيعية كما كانت عليه قبل بدء الجائحة، وهو ما يفرض على جميع أفراد المُجتمع وكل المُؤسسات أن تساهم في تكاتف الجهود الرامية إلى الحفاظ على ما تحقق من مُؤشرات إيجابية، سواء فيما يتعلق بأعداد الحاصلين على التطعيم والذي بلغ- وفق آخر إحصائية- أكثر من 2.2 مليون شخص بنسبة 60% من الفئات المستهدفة في المجتمع. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الصحة لتطعيم الفئات المُستهدفة، إلا أننا نرى إمكانية توسيع جهود التطعيم من خلال زيادة عدد ساعات دوام العاملين في الحملة، من خلال الاستعانة بمزيد من المُتطوعين، واعتبار التطعيم الأولوية القصوى، فبدلاً من تطعيم 4 آلاف في يوم واحد نقدم التطعيم لـ8 آلاف شخص، وعلينا أن ننتهز فرصة انتهاء الإغلاق المسائي ومنع الحركة، ومن ثم زيادة عدد ساعات الدوام في مراكز التحصين حتى العاشرة مساءً، بدلاً من الرابعة عصراً، هنا ستتضاعف أعداد الحاصلين على التطعيم، ومن ثم الوصول سريعًا إلى الأهداف المرجوة.

ولا شك أنَّ عودة الأنشطة التجارية للعمل وفق الأوقات السابقة، من شأنه أن يُعزز الحركة التجارية، خاصة وأننا مقبلون على موسم الدراسة، وحاجة الأسر لشراء مستلزمات المدارس، الأمر الذي قد يُشير إلى احتمالية التكدس في بعض المراكز التجارية، لكن في ظل قرار إنهاء الإغلاق المسائي، ستتمكن الأسر من التسوق بأريحية دون الشعور بالضغط من عامل الوقت، إضافة إلى زيادة أرباح المؤسسات التجارية مع نمو المبيعات.

العودة للحياة الطبيعية مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، تزامن معها مؤشر إيجابي آخر شديد الأهمية وباعث على التفاؤل والفرح؛ حيث كشفت إحصاءات وزارة العمل عن النصف الأول من العام الجاري، عن توفير 19 ألف فرصة عمل بالقطاعين الحكومي والخاص، مع تعيين 5583 مواطناً ومواطنة لأول مرة، ما يعني تنفيذ 58.9% من الخطة التنفيذية لتشغيل الباحثين عن عمل، والتي تحظى بمتابعة سامية من جلالة السُّلطان، وتنال اهتمام كبار المسؤولين في الدولة. الحقيقة أن هذه المؤشرات تحمل دلالتين بالغتي الأهمية؛ الأولى: أنَّ وزارة العمل تواصل بنجاح تنفيذ خطة التشغيل والتوظيف والتوطين، عبر التنسيق مع مختلف المؤسسات لإيجاد الوظائف للباحثين عن عمل، بالتوازي مع جهود الإحلال التي لم تتوقف، ونشاهدها في كل المؤسسات، ولا سيما في القطاع الخاص، وهو الأهم. أما الدلالة الثانية، فتُشير إلى التعافي النسبي لشركات القطاع الخاص، ما ساعدها على توفير وطرح وظائف للمواطنين، استشعارًا للمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه شباب الوطن. وهذا التَّعافي النسبي تحقق بفضل القرارات المُناسبة التي اتخذتها اللجنة العُليا فيما يتعلق بعمل المؤسسات خلال فترة الإغلاق المسائي ومنع الحركة، حيث لم تتأثر المؤسسات أو المشاريع بهذه القرارات، إلا في أضيق الحدود، بما لا يتسبب في تكبد خسائر.

ومن التطورات الإيجابية التي ينبغي الإشارة إليها في هذا المقام، ما أعلنته وزارة التراث والسياحة عن ضخ 6 مليارات ريال لتطوير المقاصد السياحية خلال السنوات المُقبلة، في إطار خطة التَّعافي السياحي، وكذلك توقيع اتفاقيات لفتح خطوط طيران مباشرة بين ظفار وعدد من دول العالم خلال المرحلة المقبلة، ومواصلة جهود توطين الوظائف بالقطاع السياحي الواعد بالتوازي مع برامج التدريب والتأهيل للشباب المستهدف للعمل في هذا المجال.

وختامًا.. يعلم الجميع أنَّ الفترة الماضية، ومنذ أن بدأت جائحة كورونا في التفشي، وبلادنا والعالم أجمع، يُعاني من التبعات السلبية لانتشار المرض، الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة بكل القطاعات، لكن وفي إطار التعامل الحكيم والمُناسب للمتغيرات، نستطيع القول إنَّ وطننا يبدو الآن في وضع أفضل نسبيًا من دول أخرى أُنهك قطاعها الصحي وهوت مُؤشرات اقتصادها، والمؤشرات الإيجابية التي تحدثنا عنها تمنحنا الأمل الذي كنَّا ننتظره على مدى ما يُقارب العامين، فهلّا يُشمر الجميع عن ساعد الجدِّ، وأن نعقد العزم على العمل المُتواصل الدؤوب لكي ينمو اقتصادنا ويتوسع، وأن تعكف المؤسسات الحكومية على تجاوز آثار الجائحة، لكي نرى المشاريع تنتشر وتتنوع في ربوع الوطن العزيز، ونشاهد شبابنا وهم يعزفون سيمفونية العطاء الوطني، من أجل عُمان أكثر استقرارًا وأمانًا وازدهارًا.