سارة البريكية
مع تغيُر الزمن الذي نعيشه وعالم السرعة الذي نشاهد أبعاده والعالم الموازي الآخر الذي أصبح جزءًا من يومياتنا الافتراضية التي تحتم علينا جميعاً أن نعيشها بكل تطور وبكل تجدد وبكل جديد يطرأ عليها رأينا العجب العجاب، فتغير الزمان وتغير المكان وتغيرت الشخوص وتغيرت القلوب وتغير الإحساس بالآخرين، لدرجة أننا أصبحنا نشاهد ما يجب أن لا نشاهده، حركات غريبة وعجيبة، ومشاهير صعدوا رغم أنف الزمن على أكتافنا، ونحن من صفق لهم ورسم البسمة المتصنعة على وجوه المارة في الطرقات والمزارات والنواحي.
حدث ولا حرج وتكلم ولا تبالي إن كنت صانع محتوى أو كنت فارغاً وبدون هدف فعليك أن تكون مشهورا ليس أكثر في زمن كثر فيه مشاهير الغفلة، فتيات وفتيان بدون أي اسم وبدون أي خلفية وبدون أي شيء أصبحوا يملكون قاعدة جماهرية من العدم وأصبح بإمكانهم رفع صورة البلد الذي يعيشون فيه أو العكس وإن تساءلنا كيف تظهر لك الفتاة بطريقة مُلفتة للنظر وليس بها أي احتشام فهذه تعكس صورة سلبية عن بلادها بحكم متابعيها من خارج وداخل هذا الوطن وما شاهدناه ونشاهده في الفترة الأخيرة. الشيء الملفت أن من هبَّ ودبَّ قال أنا مشهور وقام بتوزيع الجوائز على العامة ليُغري المُتابعين للاشتراك بقناته ولكن ماذا بعد (أساور ذهب، هواتف نقالة، جوائز مالية، عطور، رحلات سياحية … إلخ)، والقائمة تطول والشرح أيضاً ماذا تريد بعد ذلك؟! ومن أين لك هذا؟! وماذا بعد؟ولو أنه اقتصر على نوع من المصداقية عند البعض لما تذمر العالم ولكن وصلنا لمرحلة: ليست صدقة! وأنا أملك نجمة صفراء، وموتوا بغيضكم؟!
نعم إننا نشاهد مسرحية سخيفة أبطالها منِّا وفينا ونحن من جعلناهم أبطالاً، فالشعوب لا ترقى إلا بشبابها وبحاضرها وماضيها والتفاخر بتراثنا وتقاليدنا العمانية الأصيلة التي تتأصل فينا له واجب علينا وإظهار بلادنا الحبيبة بصورة راقية تنم عن مواضع الأخلاق الطيبة والأدب والثقافة مطلوب منِّا وعلينا أيضاً عدم الانجرار خلف من انجروا في فخ الشهرة المؤقتة، وأن لا نبحث إلا عن صانع المحتوى المثالي، أما كما قيل مشاهير البرجر رغم أنني اعترض على هذا المسمى لأن "البرجر" أو أي إعلان آخر لا يعني أن أُسيئ لصاحبه، ولكن الكثرة في ذلك ليست محببة وتكرار الأشياء يبقى مملاً، والشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده، وإذا كنت لا تملك محتوى لا تضحك الناس عليك، ولا تجعل من نفسك سخرية القوم، وزن ألفاظك قبل أن تخرجها من فمك، فهناك ناس تراقب وتحلل وتضع الأمور كلها في المسار الصحيح، وكما قيل "راعي البالين كذاب"، ليس هكذا تؤكل الكتف.
فيا صديقي ويا صديقتي المشهورة، نحن بلد محافظ ذو طابع إسلامي وشرقي بحت لا نقبل ببعض الأفعال التي تأتي منكم والتي لا تمثلنا ولا تمت لنا بأي صلة لا بل نتأسف كل الأسف أنه يوجد هكذا نوعيات من البشر في بلدنا الحبيبة عُمان أصبحوا سفراء لبلدهم قبل أن يكونوا سفراء لأنفسهم وقاموا بالاستهتار الملفت للنظر فيا للأسف حقاً على ذلك، وأذكر بيت الشاعر الكبير أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت// فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
وقيل إن الحضارة ليست أدوات نستعملها ونستهلكها، وإنّما هي أخلاق سامية نوظفها. المرء بالأخلاق يسمو ذكره وبها يفضل في الورى ويوقر.
ختامًا.. لا يسعني إلا أن أقول إنه وجب علينا التكاتف والتعاون للحد من هذه الظاهرة وسن القوانين الرادعة ضد كل من قام بأفعال تتنافى مع أخلاقنا ومجتمعنا العماني التي كثرت في الفترة الأخيرة وهي الصعود الزائف وهو لا يملك أي محتوى يقدمه للناس سواء مرض الشهرة.