تفسير الناس للمواقف

 

رحمة بنت منصور الحارثية

أخصائية نفسية

 

هل تعتقد أنَّ الموقف ذاته هو ما يشعر الشخص بالغضب أو الحزن، أم تفسير الشخص للموقف يؤدي لهذه المشاعر؟

في الحقيقة كلاهما، الموقف أحيانًا يستثير الشخص ويشعره بالغضب، بينما التفسير للموقف يكون تفسير الشخص لموقفٍ ما من زاوية ضيقة لديه ونظرته وتقييمه الذي قد يُخطئ، وقد يُصيب يكون بمثابة شرارة لغضبه، وعندما يهدأ روعه ويسترجع الموقف بكل ما فيه من كلمات أو عبارات أدت لإثارة جماح غضبه أو حزنه أو تنبيه شخص ما له بأن يتمالك حزنه أو غضبه تُعيد به إلى بساط الواقع، ويرى أنَّه قد تسرَّع أو لم يتمالك فيها غضبه أو انفعاله أو لا داعِ لتهويل الموقف الذي من ثوانٍ أو ساعات كاد أن يتخذ فيه قرارات غير مدروسة، إما هو الخاسر فيها أو يحيق غضبه على فرد آخر يُحمِلهُ نوبة غضبه دون وعي وتركيز حاسم.

في الغالب التفسيرات للمواقف تأتي من خِبرات سابقة سواء للشخص نفسه أم تجارب لآخرين لاحظها أو سمع عنها أو قرأها. ولأي موقف مُشابه يستدعي تِلكُم الصُورّ المُخزنة في الوعي أو اللاوعي ويستخدم أدواتها دون تقييم منه لسرعة الوقت الذي يتطلب موقفا حاسما وسريعا كردة فعلٍ في موقفٍ ما، وأوقات موقف جديد على ذات الشخص سواء المتلقي للغضب أو المتسبب في إشعال فتيل الغضب. بالإضافة إلى أن تجارب الاثنين محدودة تحدث نهايات وعواقب تحتمل النجاح أو الفشل .وهذا بالطبع تحدده عوامل جمّة سواء من حيث الفئة العمرية أو الخبرة الحياتية. والفيصل هنا ليس العوامل المذكورة فحسب، وإنما الشخص الذي يتمالك نفسه عند نوبات الغضب.

كما جاء تبيان واضح  في حديث نبوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

الحياة لا تخلو من مواقف متنوعة الأسباب والأحداث، وتتطلب من الفرد تفسيرا منطقيا للموقف وعدم تسرع خاصة أثناء الغضب، على أن لا تتخذ قرارات حاسمة في وقت تتسارع فيه الأحداث بحيث تكون الصورة للقرار ضبابية. كما إن التريث والهدوء في اتخاذ القرار ورؤيته من عدة زوايا تكون النفس فيها تنعم بسلام واستقرار لينبثق منها القرار الأنسب لكل الأطراف.

تعليق عبر الفيس بوك