أحمد السلماني
تسعة عقود كاملة شهدت تسابق الدول في مختلف قارات العالم على شرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم، نجحت ملفات ذكية وسقطت أخرى، الأشقاء في قطر صدموا العالم بطموحهم العالي، فعلاً صدمة العالم كانت كبيرة خاصة للملف الإنجليزي الذي لم يستوعب فكرة أن العرب سينظمون كأس العالم وإمكانية تحقيق ذلك لأول مرة في الشرق الأوسط، إنها الإرادة التي قهرت ما كان مستحيلاً أن يتحقق في جزيرة العرب، الحقيقة المرة التي تجرعها الغرب على مضض.
"واقترب الوعد الحق" إذ لم يتبقَ على موعد انطلاقة أكبر عرس رياضي عالمي في المنطقة سوى ٤٣٠ يوما تقريبا والسؤال المهم بالنسبة للمنطقة الخليحية هو كيف سيستثمر أبناء الخليج والعرب عموما كأس العالم وهو بين ظهرانيهم.
هنا في بلادي مثلاً، كيف للسلطنة التي وبالدارج المحلي"نفخت الرغوة" عندما رفضت العرض المُقدم لها لاستضافة مجموعتين، من تحقيق أقصى استفادة مُمكنة من وجود هذا العدد الهائل من البشر في مكان وزمن محددين.
روسيا أنفقت ١٣ مليار دولار لتنظيم الحدث العالمي وبلغت العوائد ٣٠ مليار والأهم أن القيمة التجارية لها ارتقت في السلّم التجاري العالمي، قطر أنفقت حتى الآن ٢٠٠ مليار دولار "والحسابة تحسب" نظرتها البعيدة تتجه إلى النتائج غير المباشرة بالنسبة لرفع مستوى الناتج المحلي وقيمة قطر التجارية عالمياً والاستفادة من البنية الأساسية للمنشآت الرياضية والخدمية من فنادق ومطاعم وشبكات طرق وسكة حديد وما سيرفده البند السياحي في الناتج المحلي والاقتصادي القطري قبل وأثناء وبعد كأس العالم ولعشر سنوات قادمة.
هنا في بلادي يُمكننا استثمار فرصة حدث كهذا بالمنطقة من خلال الترويج لاستضافة معسكرات المنتخبات وتوافد السياح لأكثر بلدان المنطقة في التنوع الجغرافي السياحي، بر وبحر، سهل وجبل، طقس بارد ودافئ، فضلاً عن البنية الرياضية الأساسية التي نحسد عليها ومؤشر الأمن والأمان العالي للسلطنة .
هي فرصة تاريخية لن تتكرر على المدى المنظور، وإن تشكيل فريق من الاقتصاديين وبمشاركة من كافة الجهات ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي والرياضي لإعداد رؤية وملف متكامل لاستثمار هذا الحدث العالمي الكبير وبما يساهم في الترويج للسلطنة، كما ولا يمنع من مشاركة كافة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي من إعداد رؤية اقتصادية موحدة لطالما دعا لها الأشقاء في قطر وأسيء فهمها.
وفق ما علمت أن مقترحات شبيهة بهذه الرؤى قد تم تقديمها لمعالي وزير التراث والسياحة أتمنى أن يتم التعاطي معها بأهمية بالغة، هي خارج الصندوق النمطي لاقتصادنا الجائع وبتنا نحتاج للجرأة ولمثل هذه الأفكار.