عائض الأحمد
يُقال "خَدَّام القعدة" في المتداول بين النَّاس، وهو من يُحسن إن أحسنت، ويسيئ أن أسئت، وقد يفوقك كرمًا في ذلك، فهو مخلص حد "الفجور"، مُتطرف في رأيه، يستميت في كذبه ظنًا منه أنَّ عليه إقناعك.. ربما يكون إعلاميًا، أو محللًا اقتصاديًا أو مقدم شاي وقهوة، يعني "خَدَّام القعدة".
ليس له رأي واحد، وليس لحديثه مصداقية، يكذب على نفسه أكثر من كذب الآخرين عليه يتلذذ بما يفعل، دون أن يسأل عن صحته، يعتقد بأنَّه سياسي بدرجة كبيرة يميل مع الريح، والحقيقة أن أمثاله عاصفة فشل وعنوان نفاق وشر لابد من التعامل معه.
مثل هذا النوع يظهر في المواقف بشكله الساذج، يصرخ في النوائب، يتطوع حباً في الظهور "محامي" "المتأزمين" مضطربي التوازن، ومُرافق دائم للفاشلين. إنِّه يقرأ طالعك ويتفحص أيام ميلادك، ظناً منه أنَّ النجم سيأخذه بعيداً، في حالة اندماج روحية لن تفلت منه هذه المرة، فأهدافه غير محددة، يتحرك فقط ضمن إطار شخصيته "المتمردة" المهووسة بشنق أطرافها وشل حركتها، رغبة في جعلها تدور في قطر محدد، كما يفعل دائماً.
حينما يضع روحه بين كفيه، ويطلق العنان وكأنه محموم تحمله حرارة مقاصده إلى إفساد ذاته عنوة. إنه كائن هجين بين كل الأشياء لا يشبهك ولا يشبهني، أكرمه الله بمظهر إنسان، فنسي ذلك، ووهب ذاته قطعة للإيجار لمن يدفع.
يعشق "الرَمْزيَّة" المفتعلة "المجنونة" المُتَّقِدَة مع ذات غير شفافة، فتشع نار لم يسكنها ضوء، فيعم الصمت بديلاً عن فوضى صنعها، دون أن يعلم إلى أي مدى قد تحرقه، حتى أخذته وطاف على أجنحتها ينظر خلفه، وكأن الشيطان يتبعه ويقاسمه الفعل والعمل، باستدامة وتوأمة، رفضها العقل والمنطق، ولم يؤمن بها أحد غيره.
أحجية المس الشيطاني تتلبسه، هربًا من واقعه، وماء يشربه خليط مكدر بما جنته حصائد صحائفه. لديه فلسفته الكونية يستقيها من ماضيه العتيد في "سَفْسَطة" المحكي وتَفَاضُل المنطوق وإن تساوت أطرافه، سرق الجميع أمام أعينهم، فأخذ بقول أَتَانِي الفرج، أن استحلفوني بالله، أقسمت لهم غلظة بأن فاعلها سيدكم وفصيحكم، فما بال كبراؤكم حين أضلوكم السبيل، في صمت مطبق وحينما ظللت بفعلكم، تنادى المرشدون.
اكذب واستمتع بما يقال عنك، ثم اتبعهم خلسة لتجد رأيًا لم تسمعه من قبل، لسوء حظهم ابتسامتك ليست رضا.
تذكرتُ تلك الكلمات التي تقال في إحدى اللهجات المحلية في بلد عربي لا أعلم لماذا، ربما لأنها كانت تمطر وسط سوء تصريف "لنقر ف لشته، شين علاوله".
ختامًا..عندما توسعك الأنا ضربًا، فلا تقسمها، أو تحاول جمعها، اطرحها أرضا، واعدها إلى أصلها لتنجو.
********
ومضة:
يرهن معطفه في الصيف، ويسترده في الشتاء.
يقول الأحمد:
كنت أبيعُ الوهم بثمن بخسٍ، واشتريته الآن بكامل وعيٍ.