تحديات الموقع الإستراتيجي

حاتم الطائي

◄ القيادة الحكيمة نجحت في توظيف الموقع الاستراتيجي لبناء جسور التعاون الدولي

◄ الحفاظ على الأمن البحري ضرورة قصوى لكل دول المنطقة والعالم

◄ دبلوماسية السلام تعكس العلاقات القوية لعُمان مع الجميع

ينعمُ وطننا بموقع استراتيجي يتوسط الطرق البحرية العالمية، بفضل الإطلالة الفريدة على المحيط الهندي، مشكلة ببحري عُمان والعرب، فضلاً عن الإطلالة الشمالية على مضيق هرمز المؤدي إلى مدخل الخليج العربي، وهذا الموقع الاستراتيجي، يُلزمنا بمهام ومسؤوليات يتصدى لها رجالها الأوفياء المخلصون، الذين يبرهنون بين الفينة والأخرى قدراتهم العالية على مواجهة عِظم التحدي وأداء الواجب المنوط بهم بكل أمانة وإتقان.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدت المياه الدولية المُتاخمة لبحر العرب وبحر عُمان، حادثتين بحريتين، وبصرف النظر عن تفاصيل ما جرى فيهما، إلا أنَّ السلطنة ومن خلال مركز الأمن البحري، قدمت المساعدات اللازمة وتحركت باحترافية عالية بناءً على ما وردها من استغاثات أو نداءات أو ما رصدته أجهزتها المختصة. هنا تتجلى المسؤولية الوطنية تجاه الأمن البحري الدولي؛ حيث تتأكد أهمية الدور العُماني في حفظ وحماية هذا الأمن. ولا شك أنَّ عُمان تستطيع القيام بذلك بفضل العديد من العوامل والمُعطيات؛ أولها: المكانة التاريخية التي تتمتع بها السلطنة بين دول العالم في مجال الأمن البحري، فالعمانيون أسياد البحار لا يهابون الموج ولا تُخيفهم الرياح الموسمية، ولا يهدأ لهم بال إلا وقد تأكدوا أن الأمن البحري مستتب، والمنطقة تنعم بالاستقرار والرخاء. ثانيًا: التطور الكبير في إمكانات السلطنة في هذا الجانب، فمركز الأمن البحري أُنشئ وفق أعلى المعايير التكنولوجية، ومزوّد بأفضل الخبرات الوطنية في مجال الأمن والملاحة البحرية، فضلاً عمَّا اكتسبه العاملون في هذا المركز من خبرات كبيرة، سواء بفضل التجارب التي خاضوها خلال السنوات الماضية، أو عبر الدورات التدريبية المتقدمة التي حصلوا عليها من دول شتى. ثالثًا: المكانة المرموقة لعُمان كلاعب إقليمي يتميز بالنزاهة والحياد تجاه مختلف الأطراف، الأمر الذي دفع كل دول العالم والسفن البحرية للاطمئنان على سلامتها حين تدخل المياه الإقليمية العمانية في المياه الدولية القريبة.

ولذلك ينبغي أن يعلم الجميع أنَّ الحفاظ على الأمن الإقليمي ضرورة قصوى لكل دول المنطقة؛ بل والعالم، فحركة التجارة البحرية التي تمر عبر منطقتنا تمثل جزءًا كبيراً من التجارة العالمية، فضلاً عن مرور ناقلات النفط، الذي ما زال يُشكل أحد أعمدة الاقتصاد الدولي.

ومن الواجب علينا أن نُسلط الضوء على الدور العُماني في حفظ الأمن الإقليمي، بالتوازي مع المساعي الدبلوماسية الحثيثة التي تبذلها السلطنة لتقريب وجهات النَّظر بين مختلف الأطراف، في تجسيد حقيقي لدبلوماسية السلام التي تجني عُمان ثمارها منذ عقود، عبر علاقات قوية مع الجميع داخل المحيط الجغرافي الواحد، فلله الحمد والفضل، ترتبط السلطنة بعلاقات قوية ومتينة مع مُختلف دول المنطقة، والجميع شاهد حفاوة الاستقبال التي حظي بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، فضلاً عن زيارات كبار المسؤولين في الدولة إلى دول عدة في المُحيط الجغرافي القريب لنا، ورغبة جميع الأطراف في تقوية أواصر العلاقات معنا.

وختامًا.. إن الموقع الاستراتيجي لعُمان يفرض الكثير من التحديات، لكن القيادة الحكيمة لوطننا استطاعت أن تحوِّل التحديات إلى فرص للتعاون البنّاء والعلاقات القوية مع مُختلف الدول، ولذلك ليس من المستغرب أن يأتي الجميع إلى مسقط، بحثًا عن السلام والرخاء، وأملًا في العثور على حل مؤكد سيجدونه في دولة الحياد الإيجابي.. فلنفخر بوطننا الشامخ بين الأمم، ولنعتز بعُماننا الحبيبة المتلألئة بدلوماسيتها الرصينة وسياستها الخارجية الحكيمة وداخلها الآمن المستقر.