الشيخ والرشيد

سالم بن نجيم البادي

 

كل الاحترام والتقدير للشيوخ والرشداء كأشخاص ولست ممن يطالبون بإلغاء هذه الألقاب الراسخة في المجتمع العُماني وهنيئا لهم اللقب والمكانة الاجتماعية التي ورثوها أبًا عن جد، لكن يتساءل الناس عن كفاءة هؤلاء الشيوخ والرشداء وما هي وظيفتهم وإنجازاتهم في المجتمع، وهل توجد فيهم السمات التي كان يتصف بها أجدادهم من الهيبة والكرم ورجاحة العقل والشجاعة والشهامة والتصدي للمهام الجسيمة وحل المشكلات والإصلاح بين الناس والمكانة المرموقة بين القبائل والناس؟ وماذا تبقى لشيوخ ورشداء اليوم من كل ذلك وبعض الناس في المجتمع يشتكون من كثرة أعداد الشيوخ والرشداء؟

المعضلة أن كثرتهم وتباين آرائهم والخلافات التي بينهم تضر بالمجتمع، وربما تؤدي إلى تعطيل بعض المشاريع الحكومية ويتهم بعض الشيوخ والرشداء. بالأنانية وعوضا عن مطالبة الجهات الحكومية بمصالح الناس يسعون للحصول على مطالبهم الخاصة.

اطلعت على رسالة حديثة مرسلة من الوالي إلى الرشداء تبدأ بالديباجة المعتادة الأفاضل رشداء الولاية نحطيكم علمًا والموضوع يهم جميع سكان الولاية، لماذا لا تتم مخاطبة المواطنين مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي السريعة ما الداعي لوجود وسيط وهو هنا الرشيد؟ ولماذا ما زلنا نحتاج إلى توقيع الشيخ في بعض المعاملات!!

أخبرني أحد المواطنين أنه عندما أراد الحصول على تصريح لحفر بئر في مزرعته طلبوا منه توقيع الشيخ والوالي من ضمن الإجراءات، الشيخ الذي قد لا يعرف هذا المواطن ولم يلتق به من قبل، والمواطن لا يعرف من هو الشيخ معتمد التوقيع، لكثرة الشيوخ، والشيخ ربما لا يعرف أين موقع المزرعة التي سوف يتم حفر البئر فيها.

بعض الممارسات والأساليب يجب أن تنتهي في زمن التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة ونستطيع الحصول على المعلومة بضغطة زر.

لماذا نطلب من المواطن إراقة ماء وجهه وهو يطارد الشيخ للحصول على توقيعه وهو لا مقر رسميا له، يبحث عنه في البيت فلا يجده، ثم يأمل أن يجده في مكتب الوالي؛ لكنهم هناك يقولون له إن الشيخ لم يأتِ اليوم، ويتذكر شيخا آخر يداوم في جهة حكومية يسأل الحارس عنه فيخبره أن الشيخ اليوم ما مداوم.

سيعود هذا المواطن غدًا ليبحث عن الشيخ وهو الذي قطع مسافة 95 كيلومترا ذهابًا وإياباً لأن معاملته لن تنجز دون توقيع الشيخ والوالي.

صرخ ضحي أن الناس يحتاجون للتخفيف من الروتين والبيروقراطية، وتسهيل الإجراءات، وفي هذه الأيام لا تنقصهم الضغوط ولا الهموم الحياتية، ففواتير الكهرباء وحدها كافية!!

الأكثر قراءة