من ينقذ المواطن من ارتفاع فواتير الكهرباء!؟

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

لا صوت يعلو في الوقت الحاضر على صوت ظاهرة ارتفاع فواتير الكهرباء والتي باتت تُشكل أرقًا وهمًا للمواطن، فهذه القضية ليست بالجديدة بل هي قديمة متجددة، وأشُبعت نقاشًا وتمحيصًا منذ مدة طويلة وكأنها حكاية بلا نهاية؟! فهل السبب الحالي للارتفاع كما يُشاع هو رفع الدعم عن قطاعي الماء والكهرباء؟

الغريبة هنا أن الارتفاع المفاجئ لفواتير الكهرباء يُعاني منه الجميع، وتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة كظاهرة مجتمعية يجب الالتفات إليها، وللعلم هي ليست متعلقة بموضوع الخصخصة أو الحوكمة، بل متعلقة بقوانين وتشريعات وضوابط. فالمواطن ما زال يُعاني ومنذ أمد بعيد منها فالإشكالية تكمن في ارتفاع الفواتير فقط، ما تغير هو الزمان والجهات المختصة بالفوترة، فكل مرة تصدر قوانين جديدة وتأتي جهة أخرى لتسن قوانين أخرى، والمواطن أشبه بحقل التجارب فهل من المعقول أن ترتفع الفواتير لضعف المبلغ. وكانت التصاريح تُشير أن الزيادة الحاصلة نتيجة رفع الدعم ستكون طفيفة ومناسبة للجميع، وهناك تسهيلات للمعسرين ولكن الواقع لم يرحم ولم يرأف لا بالميسور ولا حتى بالمعسر حال المواطن وكأنه يواجه تحالفات ضده؛ جائحة كورونا المزعجة وما يصاحبها من تصاعد فواجع الوفيات المتتالية، وارتفاع عدد الإصابات وتمحور هذا الفيروس اللعين البغيض والضرائب المتعددة، وتأتي فواتير الكهرباء وتكمل البقية المتبقية من حيل المواطن المسكين الذي لاحول له ولا قوة وهو يُشاهد ارتفاع فاتورة الكهرباء بكل يأس وكأنها بورصة مالية مشتعلة الأسهم.

استبشر الجميع خيرًا عندما ظهرت مؤخرًا هيئة تنظيم الخدمات العامة، وظهر تفاؤل يلوح في الأفق بأن ثمة بريق أمل في تنظيم الفوترة لقطاعي الماء والكهرباء، لكن للأسف إلى الآن لا جديد، ومعاناة المواطنين مستمرة. وقد رافق ذلك تقديم الراتب والالتزامات الخاصة بعيد الأضحى المبارك وكأن شركات الكهرباء تنتظر تقديم الراتب لتصدر الفاتورة على عجل، وإن كانت الحجة أن سبب ارتفاع الفاتورة هو عدم تحديث البعض لبياناته فربما نتيجة ظروف شتى ألمت به أو جهله بعملية التقنية وما يصاحبها من تحديث، فكان من المفترض أن تكون هناك مراعاة للمواطنين لاسيما وأن رفع الدعم تزامن مع شهر الصيف المُلتهب، وما يصاحب ذلك من استخدام أجهزة التكييف، وكان الأولى أن يتواصل مركز الاتصال بشركة الكهرباء مع المواطنين ممن لم يحدثوا بياناتهم لتذكيرهم بأهمية التحديث، وتبصيرهم بالعواقب المترتبة في حال عدم التحديث ولما لا تكون هناك خدمة رسائل نصية تذكر المواطن بضرورة دفع الفاتورة خشية تراكم المبالغ مما يترتب عليه من زيادة تسعيرة الفاتورة، ولكن الشركة في صمت وسكوت ففي النهاية كل همها أن يدفع المواطن فاتورته.

الزيادة التي طرأت في الفاتورة لم تكن طفيفة، بل وصلت لضعف مبلغ الشهر الفائت إن لم يكن أكثر، ومثلت معضلة خصوصًا للأسر متواضعة الدخل وممن يعيش في بيوت للايجار. ربما يفتي البعض بأن أسباب ارتفاع الفواتير الفلكية ليس لشركات الكهرباء علاقة بها كون أن رفع الدعم قرار حكومي من الأساس ولكن ماذا عن التأخير في قراءة العدادات لأكثر من شهر، ونتيجة ذلك ترتفع التسعيرة بما يعود بالنفع على شركات الكهرباء نفسها!! وماذا عن القراءات التقديرية أيضاً أليس كل هذا يخص شركات الكهرباء من الأساس؟!!

ألم يكفِ المواطن كل ما واجهه مؤخرًا من تطبيق الضريبة ورفع الدعم عن الوقود وارتفاع المواد الاستهلاكية، وما صاحب ذلك من توقف تام في الترقيات لم تساهم في إنعاش الراتب الذي لا يكاد يكفي إلى أول الشهر ويذهب أدراج الرياح. هناك من يقول إن تركيب الألواح الشمسية لاستغلال الطاقة النظيفة هو الحل وهذا شيء جميل؛ بل واقتصادي، ولكن هل الكل قادر إذا ما علمنا أن تكريبها مكلف للغاية، كما إن أحد الحلول العدادات مسبقة الدفع، والتي أرى أنها تناسب العائلات صغيرة الحجم قليلة التكلفة.

أرجو أن لا يمر موضوع ارتفاع الفواتير على قبة مجلس الشورى مرور الكرام، فأملنا فيهم مازال كبيراً أقله إلى حين وأن تتحرك اللجان المختصة بذلك عبر معالجة الموضوع، ومناقشته بجدية تامة سواء مع الحكومية منها أو الخاصة، وإيجاد حل جذري له فالحلول المؤقتة قد ضجر منها المواطن وتعب.

الوطن غالٍ ويستحق التضحية.. لكن يجب ألا يكون المواطن شماعة لأية إشكاليات مالية، فالحلول عديدة وكثيرة فقط تتطلب الإخلاص في العمل من أجل الوطن والبعد عن الأنا. المقال الذي بين أيديكم ليس للبهرجة الإعلامية، لكنه نابع من صميم المجتمع وما لمسته من استياء وتذمر نتيجة للوضع الحالي، فهل سوف نشهد في القريب العاجل انفراجة وحل لهذا الموضوع، أم أن الوضع سيبقى مثلما هو عليه وهذا ما لا نرجوه التفاؤل مطلب ورضا المواطن حق مشروع.