خالد بن سعد الشنفري
لدينا اليوم والحمد لله أكثر من 40 ناديا رياضيا تُغطي الرقعة الجغرافية لعُمان ولايمارس فيها إلا رياضة كرة القدم والسلة والطائرة المعروفة وحتى رياضة الكريكت ذات المنشأ الهندي محدودة الانتشار أدخلناها وأقمنا لها البطولات والكؤوس.
هذا فيما يخص الرياضات البدنية، أما الرياضة الفكرية فيكاد يتسيدها الشطرنج بلا منازع. السؤال؛ هل كنَّا قبل دخول هذه الرياضات علينا بدون ألعاب رياضية بشقيها البدني والعقلي؟!
الجواب لا طبعًا لدينا العديد منها في كل ربوع بلادنا، ولا زال يعرفها الكبار وستنقرض لامحاله بهذا الهجران لها كونها لم تُعد تمارس إلا في مواسم محدودة بعد أن تلافت دول الخليج هذه الثغره مؤخرًا، وأنشأت ما يسمى مهرجان اللعبات الشعبية من باب تسجيل مواقف لإحياء الموروث؛ لأنه كاد أن يقضي نحبه فعلاً في ظل تهافتنا على كل جديد وتنكرنا للقديم.
التسمية في حد ذاتها (ألعاب شعبية) تُثير الاستغراب، هل المقصود بالتسمية مجرد تفرقتها عن الرياضة الحديثة، أو أن الحديثة فئوية وليست شعبية مثلا؟! وإذا كان ذلك كذلك لماذا نقف مع الفئوي، وننصره ونهمل الشعبي وهو أولى منِّا بذلك.
بدون إطالة في المقدمة، تزخر كل محافظاتنا ومناطقنا بالعديد من هذه الرياضات الشعبية قد تتشابه أحيانا، وقد تتنوع ومعظمها له قوانين أو أعراف أصبحت بمقام قوانين تنظمها.
تكتسب مهارات هذه الرياضات الشعبية بالمرونة وكان فيها مميزون ومبدعون، وكل أصحاب منطقة أدرى برياضاتهم الشعبية.
سأتحدث عن رياضتين عندنا في محافظة ظفار على سبيل المثال تطبيقاً للمثل العربي الشهير أهل مكة أدرى بشعابها.
إحداهما بدنية والأخرى فكرية: كرة القريع؛ رياضة جماعية مسلية ومشوقة لا تقل عن كرة القدم، تلعب على ملعب مستطيل بحجم ملعب كرة القدم، لكن بدل المرميين هناك خطين متقابلين على طرفي المستطيل كل جهة لفريق.
والكرة المستخدمة بحجم كرة المضرب أو هي نفسها لكن من يضرب الكرة ليس بيده مضرب بل (قب) قضيب من شجر الميطان الصلب إذا أصاب الكرة التي يرميها ناحيته أحد زملائه، ترتفع عاليا ولمسافات طويلة حسب قوة ذراعه، وأيضا دقة إصابة الكرة لتنطلق، يستغل أثناء أعضاء فريق الرامي هذه اللحظات في الجري السريع، ليصلوا إلى خط تماس الفريق الآخر، ويلمسوه سريعًا ويعودون بنفس السرعة إلى حيث زميلهم الرامي.
خلال هذه الفترة إذا استطاع أي من الفريق الآخر الخصم أن يلتقط الكرة، ويقذف بها بيده ليصيب أياً من أعضاء الفريق الرامي قبل أن يعود لخط أمانه بعد لمس خط الخصم يخرج هذا المضروب من اللعبة وهكذا تستمر اللعبة حتى يخرج جميع لاعبي أي من الفريقين أولاً ليصبح الفريق الآخر فائزًا، طبعاً دون الرامي الذي تنحصر وظيفته في ضرب الكرة، كل ذلك يتم بمنتهى الحماس من لاعبي الفريقين وتشويق وتشجيع من المشاهدين أو المشجعين.
رياضة أو لعبة الثبت؛ تخط على الأرض وغالباً رمال الشواطئ بحجم مساحة الشطرنج تقريباً، يتبارى فيها اثنان باللعب كالشطرنج تمامًا، وتستخدم فيها ستة قطع للعب لكل لاعب ثلاث، تكون بلون أو على شكل واحد تختلف عن الثلاث الأخرى للاعب الآخر، وعادة ماتكون من حصى أو أصداف بحرية. وتتجمع حلقة من المشاهدين أو المُتابعين للعب ويتخلل هذا الجمع تشجيع ونكت وأحاديث وتعارف.
ألا يفترض أن تدخل الأندية مثل هذه الأنواع من الرياضة الشعبية، وبذلك توسع من أعداد منتسبيها وتحافظ على استمرارية الموروث، واستدامته أي ببساطة الجمع بين الأصالة والمعاصرة.