صمت السنين

وداد الإسطنبولي

تأملت بعمق!

قارئ العشق الخفي.. أقرأ وقل للمستمع

قلب المفارق ابتلى..  في حب بنت الأصمعي

فاقت جمال اليوسفي.. ماهو جمالا مصطنع

كل الخصائل والحلا..  فيك وأنت اسمعي

يأخذك التأمل في التفكير بالجمال في التعابير الوجدانية التي تلامس المشاعر، وتحرك الأحاسيس، ونقف في متعة معها وتلذذ كمطر الصيف تبهج سحابتها الأنظار.. فيجرني هذا الحديث إلى الفن الفلكلوري العُماني..  والقصائد التي يتغنى بها الشعراء تحمل في طياتها قصصا وحكايات وعادات وثقافة.. ناهيك عما يغور في لجج النفس من مغزى ودلالات في جوف قائلها وربما يبحر معها في اللاوعي الشاسع.

قائل هذه الأبيات بصراحة لا أعرفه سوى من هذه الصدفة الجميلة التي جعلتني أمسك بين أناملي إصداره.

فهو الشاعر" محمد محفوظ الشحري" من مواليد ولاية سدح بمحافظة ظفار، له كتابات صحفية منشورة منذ 1984 لمؤسسة صحيفة عُمان.. له عدة قصائد وطنية وعاطفية وشارك في العديد من المهرجانات المحلية.

 

ماذا فعلت بنا السنون؟ لتجعلنا في صمت رهيب معها..  ماذا أراد الكاتب أن يوضح في إصداره" صمت السنين" هل هي أحداث عاطفية مرَّ بها؟ أم رؤى مستقبلية! لماذا يريد الشاعر أن يبحر في الصمت أهو علاج؟ أم تعلم أدب الحوار!  أي سيناريو برمجه الشاعر محمد؛ ليكون حكاية صامتة على سطور كتابه ليكون الصمت هو سيد الموقف.

ودي أقول..  لما دنت شمس الضحى من ناظري

ودي أقول..  والقول ما ينصف مشاعر خاطري

راحت فصول وجاتنا نفس الفصول

نفسي أروح.. وأبعد وأرحل دامها الدنيا جروح

مهما تنوح ماهمني نوحك ولا قلبي سموح

زادت حمول.. ماعدت أتحمل حمول

هنا بكلمات الشاعر استراحة واسعة وشاسعة لا أراه عبر عنها بالحروف.. بقدر ما أسمع تنهيدة بين السطور.

يعتقد البعض أني  أتعاطف من هذا الفن؟ لكني لست كذلك بل إنني كاتبة وقارئة أتذوق المعاني وأتحسس  المشاعر والوجدانيات ربما؛ لأني أتذوق الشعر ارتخت عيناي لمؤلفاته، و استوقفني إلهامه، وحروفه..  الشاعر تغنى له الكثير من الفنانين المحليين منهم الفنان مسلم العريمي والفنان هود العيدروس.

 

وربما غيرهم الكثير. ولكن رأيت أن في حاجة بالفعل أن أشير أولًا إلى الشعر الشعبي، ولا أنتقص جودته وإنما ألفت الأنظار، وأشير إليه بالبنان في عدم انتشاره إلا بصورة قليلة في محافظة ظفار وبصلالة خاصة، فهناك الكثير لهم إصدارات في أنحاء أخرى من محافظة ظفار القديم منهم والحديث علينا أن نعرفهم ويتعرف عليهم الآخرون، فهؤلاء هم نتاج فكر وتراث أيضًا، وأضم صوتي لصوت أختي الكاتبة " الطليعة الشحرية" عندما قالت في مقالها "جواهر التاج" على جريدة الرؤية بتاريخ 26/6/2021م نحتاج إلى مكتبة وطنية تضم التراث الفكري، ونتاج المجتمع ليكون مستقبلًا أرشيفا لأجيال وأجيال ليتعرفوا على تراثنا الحضاري.

ففد شدتني الكتابة اجتهادا لما أوحت به كلماته من شعور، وجعلتني أحيانا في جو عابر تارة وتارة في جو آسر معها، لنأخذ منعطفا جديدا في تسليط الضوء على هذا الفن الشعبي، والأجمل إنه شعر أصيل بدأت بالجمال وأنهي أسطري به:

 

كل شيء تغير في النفوس والمجتمع..  والناس صارت كالنسور الجارحة

تنهش وتنبش في الأوادم تنتفع.. سن المخالب والقرون الناطحة

العولمة قرية كمثل المنتجع.. أقروا عليها الفلق والفاتحة