فايزة بنت سويلم الكلبانية
يتطلب اليوم الحراك الاقتصادي العُماني السعودي منِّا الثقة لنصل إلى تكامل اقتصادي متين بين الطرفين، والذي يعول على القيادات والمسؤولين ترجمته على أرض الواقع، وتذليل كافة التحديات التي تقف عائقًا أمام تنفيذ الخُطط والرؤى مهما تطلب ذلك من إعادة صياغة ومُراجعة للقوانين والتشريعات بما يتواكب مع الجهود التي تبذلها كافة الجهات والأطراف المعنية لخلق بيئة عمل جاذبة للاستثمارات.
وتأتي هذه الترجمة بالزيارة المُرتقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، ولقائه المُقرر مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية- حفظهما الله ورعاهما-، مؤكداً على استمرارية التكامل بين البلدين لخلق مسارات للتنويع الاقتصادي المستدام، وداعمة لأهداف الرؤية العُمانية 2040، والرؤية السعودية 2030.
تساؤلات عدة قد تراود أذهاننا حول مدى استعداد الجهات المُختصة لاحتضان وتنفيذ هذه المشاريع المطروحة على طاولة الحوار العُماني السعودي المُشترك.. ومدى جاهزية الفرق القطاعية المشكلة في الزراعة والتجارة والصناعة؛ لبلورة وتنفيذ هذه الأهداف على أرض الواقع لتفعيل البرامج المطروحة، ومدى الاستعداد لمواءمة التشريعات والقوانين للاستثمارات القادمة وتهيئتها، ومدى معرفتنا بمواطن الاستثمار ونوعية الفرص الاستثمارية ومدى مواءمتها مع الطرف الآخر، وآليات تهيئة الجهات المختصة كجهاز الاستثمار العُماني، والصناديق الاستثمارية، إلى جانب وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار من خلال تسهيل الإجراءات والقوانين، ومدى جاهزية غرفة تجارة وصناعة عُمان، وعموم شركات القطاع الخاص للشراكة والمساهمة في تنفيذ هذه الفرص الاستثمارية، وكيف نعمل على تذليل التحديات التي من الممكن أن تحد من تنفيذ الفرص الاستثمارية المطروحة في وقت زمني وجيز.
اليوم ومن خلال هذه الزيارة التاريخية السامية يُمكننا القول بأن الاستثمارات بين الطرفين محكومة بمستوى الحراك من القيادات، وتطلب المرحلة المُقبلة تلاحم للجهود من مختلف الأطراف؛ لإنجاح مساعي هذه الجهود التي تبذل على مستوى القيادات بمشاركة مختلف الجهات المختصة إلى جانب ما يبذله صاحب السُّمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد سفير السلطنة المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، إلى جانب الترحيب والإقبال من الأشقاء بالمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وقطاع خاص.
ولمن يتساءل لماذا السعودية؟! نقول إنِّه لا يختلف اثنان على أنَّ السوق السعودي يُعد اليوم من أكبر أسواق المنطقة، ومن المتوقع أن يحقق نموًا باهرًا وفقًا لأهداف الرؤية السعودية 2030.
إن إبرام الاتفاقيات التجارية المشتركة في تسعة مجالات تتمثل في التوقيع على المشروعات في مجالات الشباب والرياضة، والمجال الثقافي، ومجال التقييس، والمجالات التجارية، ومجال الإعلام المرئي والمسموع، والمجال الإذاعي والتلفزيوني، والمجالات التجارية، ومجال تشجيع الاستثمار، ومجال الاتصالات وتقنية المعلومات والبريد ومجال النقل سيكون لها اهتمام كبير بالقطاع الخاص، والتي من المتوقع أن تعمل على تعزيز التعاون التجاري ورفع معدلات الفرص الاستثمارية والمشروعات المشتركة.
ومن هذا المنطلق لابُد لنا من أن نضع للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم نصيب الأسد من هذه المشاريع، ولاسيما في ظل توقف أو تعثر عدد من المشاريع الهامة والمعول عليها، وما خلفته أزمة انتشار فيروس كورونا وما سبقها من آثار نتيجة لتراجع أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة الماضية على الاقتصاد كافة، ونتمنى أن تصدق الأنباء المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تتمثل في إقامة أكبر مصفاة نفط بين حكومة السلطنة والسعوديه بالدقم، إلى جانب اتفاقية مد أنبوب للنفط السعودي ليتم تصديره عبر ميناء الدقم؛ نظراً للموقع الاستراتيجي للميناء، وتوقيع مذكرة تفاهم لإنشاء سكة حديد تجارية مربوطة بميناء الدقم والمناطق الصناعية بالسعودية.
اليوم نحن بحاجة من خلال المنابر الإعلامية المختلفة أن نعمل على الترويج والتسويق لكل ما تزخر به السلطنة من معالم ومقومات وإرث حضاري راسخ ، لابد من العمل على بث رسائل إيجابية لنصل ببلادنا لكافة المحافل الدولية محافظين على صورة عُمان وشعبها وأمنها وأمانها كما عرفها العالم، ونُواصل مسيرة البناء لنتجاوز كل التحديات التي نعيشها اليوم والتي ليس بأيدينا إلا أن نتعايش مع كل ما يفرض علينا من قرارات وإجراءات عاقدين الآمال على أن تكون "عُمان وشعبها بخير". ساعون ومباركون لكل الجهود لتحقيق تكامل اقتصادي عُماني سعودي مشترك، تاركون الشؤون السياسية الدبلوماسية بكل ملفاتها لمن هم أهل لها على رأس الهرم بيد أمينة حكيمة في رؤاها وخطواتها الواعدة، تحت قيادة رشيدة حكيمة في كلا البلدين.