هلمُّوا.. اللقاح اللقاح

سالم بن نجيم البادي

وقد أصبح اللقاح متوفرًا الحمد لله وصار الوعي بضرورة أخذه حاضرًا وبقوة لدى معظم الناس، وإن بقيت فئة لا يُستهان بها مترددة في أخذ اللقاح، وهذه الفئة لا تكتفي بالامتناع عن التطعيم؛ بل تحاول جاهدة حث الآخرين على عدم التطعيم بشتى الطرق، بالترويج لمقاطع الفيديو غير الموثوقة والتي تنشر الرعب في المجتمع من اللقاح وتحذر من أخذه، وتروج الإشاعات بأن الموت السريع يتربص بمن يأخذون اللقاح.

جهود هؤلاء تجد آذانًا صاغية، والتشكيك في جدوى اللقاح منتشر على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤسف أن يظهر بعض ممن يدعون أنهم أهل اختصاص وأكاديميون وعلماء ليصدوا الناس عن أخذ اللقاح. أخبرني أب عن إصرار ابنه الشديد وهو من الفئة العمرية 18 سنة على عدم أخذ اللقاح، حتى إنه قال إنه يفضل ترك البيت والأسرة على أخذ اللقاح، وذلك الطالب الذي في الصف الثاني عشر وتم تطعيم أقرانه، رفض التطعيم خوفًا على خصوبته وذكوريته كما قال!!

ورأيت في إحدى مجموعات الواتساب صراعًا مريرًا بين من يؤيد أخذ اللقاح وبين من يرفض، وكل فريق يأتي بالأدلة التي تؤيد رأيه، إنه جدل عقيم وسطحي ويدعو إلى الشفقة والاشمئزاز. وأحد المشاهير جدًا هنا في عُمان قال ردًا على أحد متابعيه "لو يقتلوني ما آخذ اللقاح".

لا أعلم لماذا لا يتم تجريم من يثبط الناس عن أخذ اللقاح؟ هو حر في أن يرفض أخذ اللقاح لكن عليه ألا يحرض الآخرين وألا يجهر برأيه. وإن بقيت هذه الفئة الرافضة للتطعيم مصرة على رأيها، هل تشكل خطرًا على أسرها وعلى المجتمع وتخلق نوعًا من الشقاق في الأسرة الواحدة لدرجة أن يصبح الفرد الذي يرفض أخذ اللقاح منبوذًا في أسرته والمجتمع ومصدر خوف وقلق للجميع؟

على وزارة الصحة أن تسهل إجراءات أخذ اللقاح وأن تراعي العدالة وقد أردت أن أذكر بعض الملاحظات التي طلب مني الحديث عنها، وهي بلاشك تصرفات فردية وبسيطة، وإلا فإنَّ جهود وزارة الصحة لا ينكرها أحد، وهي محل إعجاب وتقدير من أفراد المجتمع.

أخبرني غير واحد بصعوبة أخذ موعد للتطعيم إلكترونيا عبر الموقع المخصص لذلك، فما الداعي للمواعيد وعدد السكان قليل؟ رأينا بعض الدول يتم تطعيم الناس فيها في الشوارع وهم داخل سياراتهم.

هل يحدث أن تتدخل الواسطة أحيانًا في إعطاء اللقاح؟ ويعتمد ذلك على معرفتك لفلان الدكتور أو الممرض أو الموظف؟ استمعتُ إلى قصص حول هذا الموضوع وقد قيل إن هذه ما واسطة بل مساعدة!! هل يترك الأمر لتقدير الموظفين في مراكز التطعيم يحدث أن يأتي شخص بدون موعد مسبق فيحصل على اللقاح، ويأتي آخر في وقت آخر ولا يُعطى اللقاح، ويطلب منه أخذ موعد لمجرد أن الموظف تغير!

مجموعة من النساء ذهبن إلى مركز التطعيم في الصباح ولسبب ما رُفض إعطاؤهن اللقاح، ثم عدن العصر فتم تطعيمهن! وكنت قد غردت في توتير عن تلك الحادثة التي تمَّ فيها رفض تطعيم امرأة لأنها من ولاية أخرى، وطلب منها إثبات أنها مقيمة في تلك الولاية التي يوجد بها مركز التطعيم الذي ذهبت إليه، مثل  ملكية أرض أو عقد زواج أو فاتورة كهرباء. وكذلك الطالبة التي تدرس في جامعة تلك الولاية، وحالياً تتدرب فيها حضوريًا، وليس عن بعد لم يتم تطعيمها، مع أنها أبرزت بطاقتها الجامعية، والسبب أن عنوان إقامتها ولاية أخرى!!

لعل الحجة كانت غير معقولة وغير منطقية أنه لو تمَّ تطعيم أبناء الولايات الأخرى فإنَّ اللقاح لن يكفي لأبناء تلك الولاية، فهل تم عدّ سكان الولاية بدقة وتم منح تلك الولاية لقاحات بعدد سكانها تمامًا؟ ومن يضمن أنهم كلهم سوف يوافقون على أخذ اللقاح؟!

لا ينبغي الاستخفاف بعقول الناس ولا التفرقة بينهم على أساس مناطقي، فمن حق العماني وحتى الوافد الحصول على اللقاح في المكان الذي يختاره، فكلهم يعيشون في مجتمع واحد!

كثر الحديث عن الجرعة الثانية ومتى يتم أخذها، والمدة التي بين الجرعة الأولى والجرعة الثانية. أحدهم عندما أخذ الجرعة الأولى قالوا له أرجع بعد شهر، وعندما مضى الشهر عاد إليهم بأخبروه بأن عليه الانتظار 10 أسابيع. وبعض مراكز التحصين قالت على حسب توافر اللقاح ومن يقول بعد 21 يومًا أو 28 يومًا، والناس في حيرة من أمرهم.

ورغم هذا كله.. ضحيّ يقول لكم: هلمُّوا لأخذ اللقاح وتوكلوا على الله واطمئنوا والتزموا بتعليمات وزارة الصحة الحريصة على سلامتكم، "فالله خيرٌ حافظًا".